فككوا عقل “الحمساوي” قبل أن يُجهز على ما تبقّى منا

عقل “الحمساوي” ليس مجرّد قناعات دينية، بل منظومة فكرية مغلقة لا ترى العالم إلا من خلال شعارات موروثة، ومقولات جاهزة لا تخضع لأي مراجعة أو اختبار للواقع.
إنه عقل يعيش خارج الزمن، يستمد شرعيته من الرمزية، ويصوغ النكبات على هيئة انتصارات.
أولاً: تمجيد الموت واحتقار الحياة
في أدبياته، الموت في سبيل “القضية” هو القيمة العليا، أما الحياة الكريمة، الأمن، الصحة، والكرامة اليومية… فهي مؤجلة لما بعد “التمكين”.
وحين يموت الأطفال جوعاً، لا يُحمّل نفسه المسؤولية، بل يقول إنهم “شهداء”، وكأن ذلك يُعفيه من واجب الإنقاذ.
ثانياً: تحويل الهزيمة إلى نصر بالتلاعب الخطابي
كل كارثة تُعاد صياغتها لتبدو وكأنها “نصر معنوي”، وكل فشل يُقدَّم باعتباره خطوة نحو “التمكين الإلهي”.
فلا حصار يُدان، ولا مجزرة تُحاسَب، ولا خراب يُعترف به، ما دام بالإمكان استخدامه لصناعة قصة دعائية جديدة.
ثالثاً: احتكار التمثيل والقداسة
يرى نفسه الناطق الرسمي باسم الدين، وباسم “الأمة”، وباسم المقاومة، بل وباسم الله أحياناً.
أي نقد له هو “خيانة”، وأي اختلاف معه هو “ضلال”.
بهذا المنطق، لا مجال للنقاش أو المحاسبة… بل فقط للسمع والطاعة.
رابعاً: إسقاط اللوم دائماً على العدو… وتقديس الذات
حين تقع الكارثة، يبحث فوراً عن “خيانة داخلية”، أو “مؤامرة خارجية”، أو “حرب إعلامية”.
ولا يعترف أبداً بأن قراراته، وخطابه، وتعنّته، قد تكون سبباً في المأساة.
خامساً: تديين السياسة وتسييس الدين
الدين، بالنسبة له، ليس منظومة أخلاق وحقوق وكرامة، بل أداة سياسية تُستخدم لتبرير كل شيء: من التحالفات القذرة، إلى دفن الكوارث تحت عباءة “الابتلاء الرباني”.
ومع ذلك، لا تزال هذه العقلية تُدير المشهد، وتحتفل بالدم، وتخدّر الوعي العام بشعارات البطولة والصبر والنصر الموهوم. والله الذي لا إله إلا هو، صورة الطفل اليوم الذي يرفع يده… لو كنت مكان حماس لسلمت كل ما أملك، حتى سلاحي، حتى نفسي، حتى روحي، فقط لإنقاذه