غزة: 130 ألف أسرة تحت خط الفقر.. وطفل يساعد والده: طعامي «وجبة واحدة»

 

وكالة وطن 24 الإخبارية : ازدادت الأوضاع الاقتصادية سوءا في قطاع غزة، الذي يخضع لسلطة حركة «حماس» والمحاصر من قبل الاحتلال الإسرائيلي، ومع الإعلان أن القطاع يحتوي على أكثر من 130 ألف أسرة تحت خط الفقر، يضطر الأطفال اللاجئون لترك مقاعدهم الدراسية والتوجه إلى سوق العمل لمساعدة عائلاتهم الفقيرة.

ونقلت وكالة الأنباء الصينية «شينخوا» أن الطفل أحمد الأغبر واحد من هؤلاء الأطفال حيث يعيش مع عائلته المكونة من 13 فردا في بيت قديم ومتهالك في مخيم «الشاطئ» للاجئين الفلسطينيين غرب مدينة غزة، ثالث أكبر المخيمات اكتظاظا بالسكان في القطاع، ويشتكي الأغبر من الفقر الشديد الذي حال دون تمكنه من استكمال دراسته في إحدى مدارس وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) التي تقوم على تقديم الخدمات لسكان المخيم منذ عامين، ما دفعه ذلك إلى التوجه إلى البحر للعمل مع والده في مهنة الصيد.

ولم يستطع والد الطفل توفير أدنى متطلبات الحياة له ولإخوته خلال فترة دراستهم بالمدرسة من حيث الحصول على المصروف اليومي وشراء الزي المدرسي مثل باقي الطلاب بحسب ما يروي الطقل البالغ من العمر 12 عاما.

ويقول: «دوما كنت أشعر بأنني أقل من مستوى أصدقائي الاجتماعي والاقتصادي، في وقت كانوا يتنمرون فيه على وضعي ويعتبرونني شخصا غير مرغوب به بينهم»، وما زاد الأمر سوءا، هو أنه عندما كان يعود الأغبر إلى منزله لا يجد طعاما ولا مالا، وعن ذلك يقول الطفل ذو الجسد النحيف: «كنت أضطر أن آكل مرة واحدة فقط في اليوم».

وقرر الطفل ترك المدرسة والتوجه إلى العمل من أجل جني القليل من المال لإحضار الخبز لإخوته الآخرين، ومساعدة والده الذي يعمل في مهنة الصيد، ويقول: «كنت أرغب أن أكمل دراستي وأن أصبح أستاذا في المستقبل، لكن الفقر والجوع لم يسمحا لى بتحقيق حلمي، لذا أعتبر نفسي رجلا مسؤولا عن عائلتي ويجب على أن أعمل من أجل مساعدة أشقائي الآخرين».

وقبل 16 عاما، كانت عائلة الأغبر تعيش في مستوى اقتصادي واجتماعي مناسب، قبل أن تفرض إسرائيل حصارا مشددا على قطاع غزة عقب الانقلاب الدموي الذي نفذته “حماس” على الشرعية الوطنية في عام 2007.

وتقول أم أيمن الأغبر، جدة أحمد، إن حياة عائلة ابنها «انقلبت رأسا على عقب» بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض منذ 15 عاما، فأصبحت تعتمد بشكل أساسي على المساعدات المالية والغذائية التي تقدمها (أونروا)، وتضيف الجدة التي تشكو صعوبة الحال «أصبحت الأونروا تقلص من خدماتها بشكل كبير عاما بعد عام، خاصة المواد التموينية ما خلف عجزا في كمية الطعام للأطفال».

وتقول الجدة: «لم يعد لدى الناس أي أمل بالحياة» وكل ذلك، ساهم بشكل كبير في تراجع المستوى التعليمي لدى أحمد، ما اضطره للتخلي عن مقعده الدراسي مقابل أن يجني دولارين يوميا بعد أن يعمل لمدة 8 ساعات متواصلة.

ويقول الأغبر «في كل مرة أشاهد طلاب المدارس يذهبون إلى المدرسة أشعر بالحسرة والحزن الشديد لأنني محروم من التعليم بسبب الفقر والحرب وتقليص خدمات الأونروا»، ولا يختلف الحال كثيرا بالنسبة للطفل يوسف الغول (14 عاما) الذي ترك مدرسته قبل نحو شهرين كي يعمل على عربة لنقل البضائع للزبائن في الأسواق الشعبية.

ويقول الغول إن البقالة التي كان يعمل بها والده قصفت في غارة إسرائيلية في موجة التوتر الماضية في مايو من العام الماضي فأفقده مصدر رزقه الوحيد ما أثر سلبا على وضعه النفسي، ويضيف أن والده لم يتمكن من العمل في أي مكان آخر بسبب قلة فرص العمل، وبعد شهرين تقريبا اكتشف أنه يعاني من سرطان في الدم وهو بحاجة لعلاج ولا يمكنه العمل نهائيا.

ويعيش الغول مع أسرته المكونة من 8 أفراد في بيت للإيجار في المخيم ذاته، لكنهم لم يتمكنوا من دفع الإيجار بسبب ظروفهم الطارئة، في وقت هدد فيه مالك البيت بطردهم في حال لم يسددوا المستحقات المتراكمة عليهم.

وعلى أثر ذلك قرر يوسف و3 من إخوته ترك المدرسة والعمل، حيث يجني كل واحد فيهم نحو 3 دولارات يوميا بالكاد، تمكنهم من دفع الإيجار وتوفير الحد الأدنى من الطعام اللازم لعائلتهم.

ويعتمد معظم الفلسطينيين على المساعدات الغذائية والمالية التي تقدمها المؤسسات والمنظمات الدولية، بما فيها الأونروا التي تقدم خدماتها التعليمية والصحية والغذائية للاجئين في القطاع، ولكن الأونروا تعاني من أزمة مالية خانقة منذ سنوات بسبب وقف الولايات المتحدة الأمريكية دعمها المالي للوكالة الدولية إثر مواقف سياسية من القضية الفلسطينية.

وقال درداح الشاعر الإخصائي النفسي إن الأزمة المالية التي تعاني منها الأونروا تعد سببا رئيسيا في تقليص خدماتها التعليمية والصحية والغذائية التي تقدمها لسكان قطاع غزة وغالبيتهم من اللاجئين، مضيفا أن «الأمر شكل عبئا ماليا جديدا على الأسر التي تعاني أصلا من الفقر المدقع بسبب الحصار الإسرائيلي، لذلك نجد أن هناك عددا كبيرا من الطلبة أصبح يكره التوجه إلى المدارس ويفضل الهرب إلى سوق العمل لمساعدة الأهل في جني المال وتوفير الطعام اللازم».

وأعرب عن خشيته من أن تتسبب الحروب وتقليص خدمات الأونروا في خلق جيل جديد «لا يؤمن بالعملية التعليمية والهوية الوطنية والتطور البشري، ما يعني عودة الحياة في غزة إلى الجهل مجددا».

زر الذهاب إلى الأعلى