كتب جميل عبد النبي : شكراً شكراً شكراً حماس…!!!

من سخريات القدر… العملاء ( بين قوسين ) حرّروا غزة، وجلبوا لها مطاراً، وكان يمكن للفلسطيني الغزاوي أن يسافر ساعة يشاء، عبر معبر رفح، أو عبر المطار،،، بينما المقاومون ( بين قوسين أيضاً ) أعادوا إليها الاحتلال، وتسببوا بما يعرفه شعب غزة، وينكره فقط شعب حماس.
ليست أحقادنا على حماس كما يزعم المزايدون، ومؤدلجو حماس، وبعض الطبالين، أو بعض الهاربين من نير غزة، ممتطو صهوة المقاومة البلاغية،،،، ليست أحقادنا المزعومة على حماس هي التي تحركنا، أو هي التي ترسم لنا صورة المشهد بالشكل الذي اختصرْته في المقدمة، فأنا شخصياً لا يمكنني أن أكره أي فلسطيني، أياً كان انتماؤه الحزبي، صحيح أنني لا أحب حماا س الفكرة، ولا النهج، ولا الأيدلوجيا، ولا السياسة، ولا جدلية المنبت التاريخي لأصولها الإخوانية، لكن هذا أبداً لا يمكنه أن يمنعني من أن أنحني إجلالاً لبطولات الميدان التي يسجلها المقاتلون الصادقون، حتى وإن كانوا مخدوعين فيما يظنون أنهم قادرون عليه.
ليست الأحقاد،،، إنما قراءة المشهد كما هو، بعيداً عن الرغائبية، أو أوهام الأيدلوجيا، المخدِّرة للعقول، بل وحتى بعيداً عن أحلام المساكين، وأمنياتهم في ألا تكون الحقيقة هي الحقيقة، كي لا يفقدوا الأمل، أو كي يواصلوا التمسك بالحلم الجميل، الذي رضعوه مع أول قطرة من حليب أمهاتهم.
الحقيقة كما هي- على الأقل في المرحلة المعاصرة، أن الفلسطينيين وحدهم مهما جمعوا من السلاح لا يمكنهم هزيمة إسرائيل عسكرياً، ناهيك عن إزالتها بقوة السلاح، ولم يسبق لي أن قرأت، أو سمعت أي سياسي فلسطيني يزعم ذلك، اللهم إلا بعضاً من الذين تزعموا قضية لا يدركون طبيعتها، كالذي سيسقط إسراا ئيل بعد إسقاط بعض علب الكوكا كولا المرصوصة فوق بعضها، أو كالذي استهبل شعبه وقال لهم: إننا نحصل على المال القطري خاوة!!!… رغم أنف إسراا ئيل، وأن مشهد اقتحامهم لمقدساتنا لن يتكرر( هذا المشهد لن يتكرر)..!!!
ما دون هؤلاء لم أسمع بفلسطيني عُشر سياسي، أو عشر مثقف قال: أننا قادرون وحدنا كفلسطينيين أن ندمّر إسرائيل.
ثم…. إن كان هذا التدمير، سيتم بواسطة حلف إقليمي، فأين هو هذا الحلف؟! اللهم إلا إن كان ما يسمى بالمحور، هذا الذي تتعامل معه حماس، تماماً كتعاملها مع لحم الخنزير، المحرم على غير المضطر!!
للمرة المليون… إن إسراا ئيل في حقيقتها رأس حربة وجزء من مشروع كبير تقوده كبريات دول العالم، سواء تلك التي تمثل الاستعمار القديم، أو تلك التي ورثتها، وهؤلاء جميعاً لن يفكروا لحظة في القتال جنباً إلى جنب مع إسرائيل، إن كان هناك أي خطر حقيقي وجودي عليها.
باختصار:
من سيقاتل إسرائيل عليه أن يقاتل أقوى وأهم دول العالم، هذا ما يفهمه أي عاقل، مثقفاً كان أو غير مثقف، سياسياً كان أو غير سياسي، وهذا بالمناسبة ما تدركه كل الدول العربية، والتي إن رغبت في إزالة إسرائىل فهي تعرف أنها غير قادرة.
ولكن؛ هل هذا مدعاة لأن ينبذ الفلسطينيون فكرة المقاومة؟!
بالطبع لا.
لم يقل أي فلسطيني شيئاً كهذا، ولن يقله.
لكن من جديد؛ من قال أن للمقاومة شكلاً واحداً وحيداً؟
إن الفكرة التي أزعم أنني وغيري من المهمشين الفلسطينيين كررناها للمرة المليون لا علاقة لها بنبذ فكرة المقاومة، إنما بتجنب الساحات التي ندرك حد اليقين أننا سنُهزم فيها، باختصار لأن عدونا يتفوق علينا فيها بما لا يقاس في كل شيء، ومن ثم البحث عن ساحات أخرى يمكن لنا أن ننجز فيها بعض الشيء، أو على الأقل أن نمنع، أو نقلل من حجم الخسائر التي ستترتب على أعمالنا النضالية، أما فكرة الحروب في ظل موازين القوى التي تعرفها حتى الحمير فهي فكرة ليست مجنونة وحسب، بل حمورية ( من حمار ) سواء بدأت أنت أولى خطواتها، أو أشعلت فتيلها، بأن قدّمت لعدوك على طبق من ذهب مبررات إشعالها، خاصة وأنها ميدانه الذي يمكنه سحقنا فيه.
إن أي وسيلة نضالية يمكن للشعب الفلسطيني أن يستخدمها يجب أن تكون مسقوفة بعدم تهديدها لوجودنا في الأرض، ومن المعيب ألا يدرك الفلسطينيون أن جوهر المشروع الصهيوني يتمثل في اقتلاعنا من الأرض ( أرض بلا شعب )، وأن جوهر نضالنا يجب أن يتمثل في نقيض جوهر المشروع الصهيوني، بمعنى البقاء، وتعزيز البقاء في الأرض، وعليه أن يدرك أيضاً أن الطبيعة البشرية لن تُمكن الفلسطيني من البقاء في منطقة لا تتوفر فيها أي مقومات للبقاء، ولا تتوفر فيها أي معالم للحياة، فالفلسطيني ليس كائناً فضائياً يمكنه أن يتحدى حاجات الطبيعة، بل مجرد بشر، يحتاج للماء والغذاء والأمن والحياة، وما يعرفه الناس عن حاجاتهم التي لا يمكنهم الحياة بدونها، أما أن تتسبب في تفريغ حياته من كل مقومات الحياة، ثم تدعوه للبقاء تحت عناوين وطنية، أو دينية، فسوف لن يفعل، خاصة إن رآك لا تعاني ما يعانيه، أو أن لك جهات ترعاك من دونه، حتى أثناء محنته التي جلبتها له مقامرتك!!!
للحديث بقية، إن بقي في العمر بقية.