الحزب أولا …!!
على ما يبدو أن هيكلية حركة حماس أهم بما لا يقاس، من هيكلية قطاع غزة بأهله وبيوته ومبانيه وشوراعه ومدارسه ومستشفياته..!! هذا ما كشفت عنه تهنئة حركة الجهاد الاسلاموية، لحماس، باختيارها يحيى السنوار، رئيسا لمكتبها السياسي، التهنئة التي وصفت هذا الاختيار “بالرسالة القوية (…!!) للعدو الصهيوني، وبأن حركة حماس لا تزال قوية ومتماسكة، وأن العدو لم ينل من هيكليتها شيئا”…!!!
وعلى هذا فإن هيكلية قطاع غزة ليس من شأنها، ودماره ليس دمارها…!! أذرع طهران الأخرى قالت شيئا مماثلا، وهيكل قطاع غزة ملقى على الأرض، ركاما مهولا، ودم الضحايا الشهداء يغطي حتى الهواء هناك، والنازحون بلا أي ملاذات آمنة، ولقمة العيش، وشربة الماء من أصعب تفاصيل الفاجعة.
لن نجادل بشأن “الرسالة القوية” ما إذا كانت كذلك، أو لا، ولن نجادل أيضا باختيارات “حماس” التنظيمية، هذا شأنها، وإن كان هو شأن الحرب في اللحظة الراهنة، طالما أن هذا الاختيار اعتبرته “حماس” بمثابة تحد للاحتلال الإسرائيلي، وبما يعني أن حماس ليست في وراد التموضع خارج الأنفاق، وستواصل تشبثها بالطوفان، باعتبار ذلك قرارها المركزي (…!!) وأنها لا تزال تتوهم أن محور المقاومة بجبهاته الاسنادية، الإيرانية القرار، يمكن أن يشكل لها تلك القشة، التي تحميها من الغرق في مياه طوفانها…!!
إذا شاء “محور المقاومة” الرؤية الواقعية، فإنه سيرى أن إيران وليس سواها، هي أكثر من يحتاج لجبهات الاسناد اليوم، بعد أن اعتدت إسرائيل على سيادتها على نحو بالغ الصلافة، وهذا يعني أن جبهات الاسناد إذا ما تحركت، فإنها ستتحرك لترميم تلك السيادة، لا من أجل دعم “حماس” في غزة…!!
لنكن اكثر وضوحا وصراحة، وأمرنا إلى الله العلي القدير، أيهما أهم: هيكلية الناس، حالهم، بنياتهم التحتية، مسارات حياتهم، أم هيكلية الحزب…؟؟ ما قيمة حزب متعاف، في أرض مطعونة بالركام، وهيكلية الناس تسيل بالدم ..!! ما هو معيار الانجاز لدى المقاومة، أن تكون هيكليتها سالمة سليمة، فيما هيكلية جماهيرها ممزقة..؟؟
لنأمل أن ترجح كفة الآراء التي تقول إن السنوار في المحصلة هو رجل برغماتي، واقعي، وتفاوضي. اجتهد أسامة حمدان كثيرا أمس الاول على شاشة “الجزيرة” الفضائية، في تسويق السنوار كرجل مفاوضات، بدلالة أنه لم يكن غائبا عن مفاوضات الصفقة، نقول نأمل أن ترجح كفة هذه الأراء، لكن المثل الشعبي الذي يقول: “المكتوب معروف من عنوانه”. يظل حاضرا في هذا السياق ، مع الأسف الشديد..!!
الحياة الجديدة
بقلم : رئيس التحرير