حماس وحديث الائتمان

بقلم – عمر حلمي الغول

في اعقاب نشر وكالة “الاناضول” التركية مساء الاحد الماضي الثاني من أكتوبر الحالي أخبارا غير دقيقة، مفادها انه تم الاتفاق بين فلسطين ومصر حول تطوير حقل غاز “غزة مارين”، عقب احد الناطقين باسم حركة حماس على الخبر بعد أسبوع، أي الاحد  الموافق 9 أكتوبر الحالي لموقع “دنيا الوطن” بالقول، ان “حركته تتابع تطورات هذا الموضوع، بعدما اثبتت السلطة الوطنية الفلسطينية، انها غير مؤتمنة على التصرف بمقدرات شعبنا وثرواته.” وتابع غير الانقلابي غير الأمين بالقول “نحن اعلنا قبل ذلك موقفا واضحا بخصوص ثرواتنا الوطنية، وان من حق شعبنا ان يستفيد ويستخدم مقدراته وثرواته، وهذا حق مكفول بالقوانين الدولية.”
ولا اريد مناقشة الخبر من حيث المبدأ، بيد اني ساتوقف امام تصريح المدعو حازم قاسم، الذي لم ينطق عن الهوى، انما عكس موقف قيادة الانقلاب الاخواني، واختار وقتا يعكس توجه قيادة فرع جماعة الاخوان المسلمين في فلسطين عموما، وفرعها المتنفذ في قطاع غزة بالسعي لتعطيل حوار فصائل العمل السياسي الفلسطينية في الجزائر وبرعاية الرئيس عبد المجيد تبون وفريقه المكلف بتقريب جسور التفاهم بين الفرقاء الفلسطينيين، الذي يفترض ان يباشر اعماله اليوم الثلاثاء الموافق 11 أكتوبر الحالي؛ كما ان يشي التصريح التوتيري بمضي حركة حماس في خيار الانقلاب والانقسام؛ ليس هذا فحسب، انما تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الاستعمار الإسرائيلية على حساب الوحدة الوطنية.
اضف الى ما تقدم، اذا توقفنا امام ما حمله التصريح التحريضي، وسألنا الناطق ومن خلفه السنوار وكل جوقة الانقلاب في محافظات الجنوب، من المؤتمن على حقوق ومصالح الشعب، القيادة الشرعية المنتخبة، وصاحبة الطلقة الأولى في الثورة الفلسطينية المعاصرة، والمدافعة عن حقوق وثوابت الشعب، ام القوة المنقلبة على الشرعية الوطنية، وسارقة أموال الشعب، وناهبة جيب المواطنين باسم الضرائب، التي ما فتئت تتوالد كالفطر؟ وما هي معايير الائتمان على ثروات الشعب؟ وهل باستمرار الانقلاب واستباحة حقوق ومصالح العباد يمكن الائتمان على ثروات الوطن؟ ولماذا لم تحاول انت وقيادتك فتح القوس لاعطاء بارقة امل نسبيا ولو محدودة باستعادة الوحدة الوطنية. لا سيما وان الجزائر الشقيقة فتحت ذراعيها للكل الفلسطيني لاجراء حوار شامل بهدف تقريب المسافات بين أولا حركتي حماس وفتح، ومن ثم بين كل فصائل العمل السياسي؟ والا يعكس تصريحك إضافة للتحريض، بمواصلة العبث بمصير ومستقبل الشعب ومصالحه الوطنية العليا، ثوابته وأهدافه؟ ولماذا؟ ولمصلحة من؟ اليس لمصلحة الاجندات الخارجية المتناقضة والمعادية لاهداف وحقوق الشعب؟ وهل يعقل في اللحظة، التي تتصاعد فيها روح المقاومة في العاصمة الأبدية، القدس وكل محافظات الوطن تواصلون عمليات التحريض والتخوين والتشكيك، واثارة الفتن، بدل رص الصفوف، وتعزيز الشراكة الميدانية في أوساط الشعب والمقاومة الشعبية؟ وأين انتم من المقاومة، التي تجأرون بها ليل نهار، وانتم قابعون تختبئون في جحوركم؟ ولماذا لا يراكم الشعب الا في لحظات اثارة الفتن، ورفع راياتكم في الازمات العاصفة، والناجمة عن سمومكم، واقلامكم الصفراء، واصاتكم الناعقة؟
الجهة الوحيدة المؤتمنة على مقدرات الشعب، ومصالحه وحقوقه وثوابته، هي منظمة التحرير الفلسطينية، والقيادة الشرعية، ولا يوجد قوة مؤتمنة غيرها. ومن انقلب على الشرعية، وخطف جزءا من الوطن بقرار أميركي إسرائيلي بعض عربي وبتعليمات واضحة من قيادة مكتب الارشاد الدولي، ليس مؤتمنا على أعضائه وانصاره، ولا على الشعب، ولن يكون شريكا سياسيا الا اذا عاد الى جادة الصواب، واعتذر من الشعب، والتزم بمنظمة التحرير وبرنامجها الوطني، وطوى صفحة الانقلاب مرة والى الابد. فقط عندئذ ستكونوا شركاء، دون ذلك ستبقوا في دائرة الخوارج.
ادعوكم مرة تلو الأخرى لمراجعة خطابكم، وتوجهاتكم الانقلابية، التمناقضة مع مصالح الشعب، والعودة لجادة الوحدة الوطنية، وصبوا جهودكم مع كل الجهود المخلصة، ان كنتم حقيقة معنيين بالمقاومة، والإخلاص لمصالح الشعب لمحاربة كل الظواهر الخاطئة، والنواقص والمثالب داخل وخارج المؤسسات الرسمية والأهلية. وامل ان تتعظوا لمرة واحدة من دروس التاريخ القريب والبعيد، وتولوا الوحدة الوطنية ما تستحق من تنازلات عن بعض المنافع الشخصية والفئوية، ووضع كل الجهود في بوتقة تعزيز الكفاح الوطني التحرري.

زر الذهاب إلى الأعلى