خلفيات الحراك الاخواني
بقلم : عمر حلمي الغول
سأحاول في هذه العجالة قراءة حالة الاستقطاب بين المتحجين الأردنيين ومؤسسة النظام الأردني على مدار أكثر من أسبوعين خلت امام السفارة الإسرائيلية، رغم ان المظاهرات الأسبوعية للجماهير الأردنية لم تتوقف طيلة الشهور الستة الماضية بعد 7 أكتوبر 2023 وجرائم حرب الإبادة الصهيو أميركية على الشعب العربي الفلسطيني عموما وفي قطاع غزة خصوصا، التي لعبت فيها جبهة العمل الإسلامي دورا رئيسيا الى جانب قوى قومية ويسارية بدرجة أقل من خلفية موضوعية دون إسقاطات ارادوية، وبعيدا عن خلفيتي الفكرية السياسية.
مما لا شك فيه، ان التضامن الشعبي العربي عموما وفي الأردن خصوصا مطلوب لدعم الشعب الشقيق في فلسطين، ويمكن الجزم وفقا للمعطيات الماثلة للعيان، أن الشعب والنظام السياسي الأردني كانا على تماس وتوافق في رد الفعل الإيجابي لدعم الشعب الفلسطيني، ورفض حرب الإبادة الجماعية ضد المواطنين الأبرياء والعزل في محافظات الجنوب الفلسطينية، وأيضا في رفض منح واشنطن الغطاء لإسرائيل في حربها عليهم. لا سيما وأنها قادت وشاركت بشكل مباشر في إدماء قلب الشعب الفلسطيني، وعطلت 3 مشاريع قرارات في مجلس الامن الدولي لوقف الحرب فورا وبشكل دائم. لان البيت الأبيض لا يهمه مصالح حلفائه في الوطن العربي ومنهم النظام الأردني، بقدر ما تهمه حماية ورعاية دولة إسرائيل الوظيفية واللقيطة. مما ساهم في ازدياد حالة الاحتقان والسخط الشعبي الأردني على إسرائيل وسادتها في الغرب الامبريالي المشاركين في حرب الإبادة الجماعية.
كما ان هناك تيار أردني محسوب على النظام ساهم بشكل مباشر في الشهور ال4 الأولى من الحرب الجهنمية على قطاع غزة في خلق بيئة مناسبة لمضاعفة صعود الاخوان المسلمين في المشهد السياسي والاجتماعي انحيازهم لخيار حركة حماس، وتاليبهم الرأي العام الأردني ضد السلطة الفلسطينية وقيادة منظمة التحرير، واتهموها بما ليس فيها من تقاعس، مع ان القيادة الفلسطينية كانت ومازالت على توافق تام مع الملك عبد الله الثاني وحكومته ومع الاشقاء العرب عموما والسداسية العربية خصوصا في المساعي الحثيثة لوقف حرب الأرض المحروقة على غزة.
مما سمح لجماعة الاخوان المسلمين بالاستفادة من اللحظة السياسية الراهنة لتحقيق أكثر من هدف مستفيدة من تجييش الشارع الأردني العاطفي، وموقفه المشروع في دعم أبناء الشعب الفلسطيني في معركة البقاء والصمود وإفشال اهداف الحرب الجهنمية عليه لصالح حساباتها واجندتها الفئوية الضيقة عشية الانتخابات البرلمانية القادمة؛ ثانيا كونها الأكثر قوة وتأثيرا في المشهد الأردني سعت لتثمير جهودها لهدفها الاستراتيجي في “كسر شوكة النظام”، والذي أعلنته الجماعة مع بداية شهور الربيع العربي، والذي مثله أنذاك همام سعيد، المراقب العام في لقاء مع أقرانه من التنظيم الدولي للاخوان المسلمين في تركيا 18 مايو 2011 مع نائب رئيس ال CIA، ثالثا استثمار دعوات قيادة حركة حماس للجماهير الأردنية بالخروج للشارع بشكل مستدام لدعم المقاومة، كما فعل خالد مشعل في 29 مارس الماضي في شريط الفيديو الذي وجهه لفعالية نسوية، والذي أعقب زيارة إسماعيل هنية لإيران في 26 مارس الماضي، التي لم تخلُ من الاسهام في التحريض على النظام الأردني والعائلة المالكة؛ رابعا محاولة قيادة حماس الاستفادة من دعوات التيار المحسوب على النظام لاستعادة مكانها في الساحة الأردنية، والذي يساعدها راهنا ولاحقا في تعزيز دورها في المشهد الفلسطيني؛ خامسا دور قيادة التنظيم الدولي لجماعة الاخوان المسلمين في تأجيج الشوارع العربية المختلفة لاستعادة مناخ ما يسمى “الربيع العربي” لتكريس حضورها في العديد من الساحات، وتصفية حساباتها مع العديد من الأنظمة وخاصة مصر والأردن وتونس وغيرها.
مؤكد كل انسان وطني وقومي وديمقراطي يؤيد خروج الجماهير العربية في مختلف الدول العربية تعبيرا عن رفضها لحرب الإبادة الصهيو أميركية، ولدعمها كفاح الشعب العربي الفلسطيني في تحقيق أهدافه الوطنية في الحرية والاستقلال والعودة وتقرير المصير اسوة بما تشهده العواصم والمدن في الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وأميركا اللاتينية وافريقيا، ولكن هذا الهدف النبيل يراد به حرف بوصلة الدعم العربي الشعبي والرسمي لمآرب وحسابات ضيقة وفئوية تخدم اجندة الاخوان المسلمين البعيدة كل البعد عن هدف تحرير فلسطين وإقامة الدولة الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين. فهل يدرك المواطنون الأردنيون الفرق بين هدف الاخوان المسلمين وهدفهم النبيل؟ وهل يميزوا بين الغث والسمين، ويزيلوا الغشاوة عن اعينهم قبل فوات الأوان؟
ولا يعني الكشف عن خلفيات الحراك الاخواني الخبيث في الساحة الأردنية، ان هناك رضى على أداء اهل النظام الرسمي العربي. لا سيما وان بأيديهم أوراق قوة يستطيعون استخدامها لوقف حرب الإبادة الجماعية، الامر الذي يفرض على الاشقاء عموما مضاعفة دورهم في الضغط على إدارة بايدن وحكومة نتنياهو النازية لوقف دائم وفوري لحرب الإبادة الجماعية.