تطبيع الاخوان المسلمين مع الاحتلال سبب خسارتهم في المغرب
شكلت خسارة حزب ”العدالة والتنمية“ ”الإخواني“ القاسية للانتخابات التشريعية في المغرب أحدث حلقة في مسلسل تراجع غير مسبوق تعانيه جماعة الإخوان المسلمين وسط تباين في الآراء بين كثير من المحلليين يرون أنها جماعة على شفا الانهيار وآخرين يرون أن تنظيم ”الإخوان“ انهزم سياسيا فقط وتقبّل الهزيمة ويمر الآن بمرحلة من النقد الذاتي، وقد يعود أقوى من السابق إذا توفرت الظروف المواتية.
لماذا فشل الإخوان؟.. الأسباب والدوافع
أرجع المحلل السياسي المغربي الدكتور إدريس الكنبوري، هزيمة ”إخوان“ المغرب لعوامل عدة، و“على رأسها خيانة المرجعية الإسلامية، حيث عُرف عن العدالة والتنمية تلك المرجعية في أول مشاركة بانتخابات 1997، وكانت الأيديولوجية هي الغالبة على التصويت أولا، وفشل تدبير التحالف الحكومي بدخول الحزب في تراشقات بولايتين حكوميتين مع حلفائه، وجعله لا يحظى بالثقة منهم ثانيا“.
وتابع الكنبوري، عبر خدمة الرسائل النصية في تطبيق ”واتساب“ لـ“إرم نيوز“: ”كما تراجع الإخوان عن برنامجهم الانتخابي الذي نالوا به ثقة الناخبين مثل محاربة الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية والتصدي للتطبيع، وهذا هو العامل الثالث، أما العامل الرابع في هزيمة الإخوان فهو عامل أخلاقي يتمثل في حالة الاغتناء التي أصبح عليها وزراؤه ومسؤولوه الوطنيون والمحليون؛ ما أثر على صورتهم أمام الرأي العام“.
في حين أعاد الباحث السياسي المغربي الدكتور نورالدين لشهب، أسباب هزيمة حزب العدالة والتنمية المغربي إلى عدة عوامل كذلك، منها أن ”الحزب مرّر قرارات صعبة على الشعب المغربي والطبقات المتوسطة، فعاقبه الشعب على ذلك.. والحزب انهزم سياسيا فقط وتقبّل الهزيمة، موضحا أن ”حزب العدالة والتنمية هو حزب سياسي كباقي الأحزاب المشاركة في اللعبة السياسية، يؤمن بإمارة المؤمنين والملكية والوحدة الترابية والإسلام، والانتقال الديمقراطي، وهذه هي الثوابت التي يقوم عليها الإجماع السياسي بالمغرب، وهو ليس متطرفا بأي شكل من الأشكال“.
وأضاف لشهب، عبر خدمة الرسائل النصية والصوتية في تطبيق ”واتساب“ لـ“إرم نيوز“: ”هناك حركات إسلامية بالمغرب لا تشارك في الانتخابات ولها موقف سياسي ولكنها ليست متطرفة بل تنبذ العنف بكل أشكاله.. كما أن تنظيم الإخوان جزء من النسيج الاجتماعي العربي في بضع دول عربية وعالمية، وقد يعود مرة أخرى إذا تغيرت الظروف الدولية“.
بينما قال السياسي التونسي والنائب السابق في البرلمان عبد العزيز القطي، إن ”الـ25 من يوليو كان يوما فارقا في حياة الشعب التونسي، الذي انتفض واتجه لمقرات حركة النهضة الإخوانية التي تُعد العدو الأساس لتونس وتشكل خطرا عليها“، موضحا، عبر خدمة الرسائل الصوتية في تطبيق ”واتساب“ لـ“إرم نيوز“، أن من أهم أسباب هزيمة الإخوان هو ”ما عاناه التونسيون من فشل منظومة الإخوان، وتداعياتها على الحالة المعيشية والصحية للمواطن، ولامبالاتها وتعاملها غير المقبول مع وباء كورونا داخليا، فضلا عن مؤامراته على تونس ورئيسها، ومساهمته في تطعيم الحركات المتطرفة وخاصة ”داعش“ بالشباب التونسي خارجيا“.
وأوضح المحلل السياسي المصري ماهر فرغلي، أن ”انهيار الإخوان بدأ في مصر، ما أدى لانهيارات متتالية على أفرع التنظيم عالميا“، قائلا إن ”أسباب هزائم التنظيم تمثلت في خلل البنية التنظيمية، ومحاولات إعادة الهيكلة؛ ففشلُ الإخوان فشلٌ مركبٌ في بنية جماعة انتقلت من إدارة جماعة لإدارة دولة“، متابعا، عبر خدمة الرسائل الصوتية في تطبيق ”واتساب“ لـ“إرم نيوز“: ”اعتمد تنظيم الإخوان على شعارات فضفاضة، ثم خالفها، وأدى خلل منظومة القيم الإخوانية، وعدم وجود برامج لإدارة المواطنين، واستيراد خطط جاهزة، واحتكار السلطات، لـ (أخونة الدولة)، ليس في مصر فحسب، بل في بضع دول“.
بينما قال المحلل السياسي الليبي رضوان الفيتوري، إن ”تنظيم الإخوان ليس مجموعات منفصلة، بل تنظيم وكيان دولي منتشر في بضع عواصم عربية، يتبع مرشدا واحدا مجهول الهوية، متابعا، عبر خدمة الرسائل الصوتية في تطبيق ”واتساب“ لـ“إرم نيوز“: ”تكشفت أسباب هزيمة التنظيم في بضع دول، بعد زيف شعاراته الدينية، ولاسيما في مصر الرائدة في القضاء على التنظيم الذي يعادي الشعوب العربية ويجر المواطن للظلام، دون أن ننسى أن شعبيتهم فُقدت بعد سنوات المعاناة.. وهذا كله كافٍ لإضعاف مسيرة التنظيم“.
ماذا بعد هزيمة ”الإخوان“؟
تحدث المحلل السياسي المغربي الدكتور إدريس الكنبوري، عن تداعيات هزائم ”الإخوان“ بالقول، إن ”حزب العدالة والتنمية سيعود إلى حجمه الطبيعي؛ فما حصل في الثامن من سبتمبر، هو إغلاق قوس ما سُمي بالربيع العربي، لذلك فإن هزيمة إسلاميي المغرب لم تكن هزيمة حزب كما يظن الكثيرون، بل كانت نهاية نموذج بكامله، هو الإسلام السياسي كخيار“.
وأضاف الكنبوري أن ”أعضاء العدالة والتنمية أمامهم محاولة لإعادة بناء حزبهم، ورصّ صفوفهم“، مرجحا أنهم ”لن يفلحوا في المهمة، لأن صورتهم لدى الرأي العام اهتزت خلال (عشرية سوداء) قادوا خلالها حكومتين، فضلا عن ضمور المرجعية الإسلامية التي لم تعد تعني شيئا، نتيجة السياسات والمواقف المتراكمة، كما استفادت الأحزاب السياسية المغربية من العشرية لإعادة النظر بخطابها السياسي، بأنْ أصبحت منافسا للإسلام السياسي“.
بينما قال الباحث السياسي المغربي الدكتور نورالدين لشهب، إن ”للنظام السياسي المغربي خصوصية تميزه عن سياسات الدول العربية الأخرى في كيفية التعامل مع التشكيلات السياسية المعارِضة“، مؤكدا أن ”المغرب لا يجتث التنظيمات السياسية؛ فقد يتعامل معها بعنف أو يُبقي عليها لتوظيفها في يوم ما، فالمغرب ليس وليد اتفاقية (سايكس بيكو) ولا (الاحتلال العثماني) وعلاقاته الخارجية محفوظة، ولا يعاني من تدخلات أجنبية“.
فيما أكد السياسي التونسي عبد العزيز القطي، أن ”حقبة الإسلام السياسي انتهت، فهناك قرار دولي بإزاحته بعد عشر سنوات من الخراب بدول تصدر فيها تنظيم الإخوان ووصل لمراكز عالية خلال فترة ما سُمي بالربيع العربي، ولعل تجربة الجزائر والمغرب التي بدأت من الانتخابات التشريعية خير دليل“، معولا على ”القرارات الجديدة التي سيتخذها الرئيس التونسي فيس سعيّد، للانتقال إلى مرحلة البناء الوطني، بعيدا عن الحسابات الحزبية الإخوانية الضيقة وولاءاتها لأجندات خارجية لا علاقة لها بالوطن“.
وقال المحلل السياسي المصري ماهر فرغلي، إن من تداعيات أزمة ”الإخوان“، هي أنه ”بعد سنين من تكرار تجارب التنظيم بتونس والمغرب، بات واضحا أن التنظيم رائد في مخالفة شعاراته، ولاسيما في ملف الصحراء المغربية والتطبيع مع إسرائيل“، مؤكدا أن ”مستقبل إخوان مصر قاتم، بالنظر لتراجع شعبيتهم، وإعلامهم غير الصادق، وازدياد الخلل والصراع بين القيادات.“.
وبدوره، أكد المحلل السياسي الليبي رضوان الفيتوري أن ”تنظيم الإخوان في ليبيا بات يترنح عقب انتخابات في المغرب، وأصبح بلا مستقبل وإلى زوال“، موضحا أن ”صندوق الانتخابات في الـ24 من ديسمبر سيحسم كل شيء، بالإضافة لوجود تهيؤ شعبي، وتوعية فكرية، وتنوير عقائدي ضد المتأسلمين الذين فقدوا أوراقهم، فبعد إقرار البرلمان قوانين الانتخابات الرئاسية المباشرة من الشعب، جن جنون الإخوان، وهم في الرمق الأخير في ليبيا التي ستحذو حذو مصر وتونس والمغرب“.
وختم الفيتوري تصريحه بتساؤل ”هل الرأي العام العربي في مصر وتونس والمغرب وليبيا والسودان على ضلال، وتنظيم الإخوان المسلمين على حق؟“.