الإخوان والدعم الضمني لمخطط التهجير – ما يفعله ترامب خدمة كبيرة سيعرف الإسلاميون قيمتها لاحقًا

وكالة وطن 24 الاخبارية : تحاول جماعة الإخوان مواكبة التحولات المتسارعة بالشرق الأوسط والتعاطي معها بعقل براغماتي، للحصول على أكبر قدر من المكاسب في ظل التوتر في علاقات واشنطن مع بعض حلفائها العرب الرافضين لمخطط إخراج الفلسطينيين جماعيًا من قطاع غزة.

لم يتردد ناشطون بجماعة الإخوان في الإعلان صراحة عن انتهاز الفرصة ليظهر تيار الإسلام السياسي كلاعب يحظى مجددًا باهتمام ورعاية الولايات المتحدة

ولم يتردد ناشطون بجماعة الإخوان وموالون لها في الإعلان صراحة عن انتهاز الفرصة ليظهر تيار الإسلام السياسي كلاعب يحظى مجددًا باهتمام ورعاية الولايات المتحدة التي ربما تبحث عن بديل مرن لحكام دول جوار إسرائيل العرب، خاصة مصر والأردن.

ووسّع دخول الإخوان والإسلاميين على وقع احتدام الخلاف بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب من جهة، والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي من جهة أخرى، من دائرة المناورة والإرباك؛ بالنظر إلى التغييرات المتسارعة في الأراضي الفلسطينية وسوريا ولبنان وعودة الإسلاميين والمشاريع الإقليمية التوسعية إلى الواجهة، علاوة على حالة اللايقين التي تكتنف مستقبل المنطقة.

وخدم نشاط جماعة الإخوان المكثف في الفضاء الإلكتروني الطرف الأميركي، بالتزامن مع الرسائل والبيانات الحادة المصرية المضادة؛ حيث لم تعد المعادلة محصورة بين الولايات المتحدة الضاغطة والحكام المتشبثين برفضهم لخطة التهجير بعد أن ظهرت بدائل جاهزة للتوظيف أو على الأقل كأوراق ضغط وابتزاز مضافة بيد اللاعب الأميركي عقب إشهار مصر تصديا عاما ممثلا في الرفض الشعبي واحتمال تقويض معاهدة السلام وزيادة رقعة التضامن العربي.

ودعا جمال سلطان وهو ناشط مؤثر موال للإخوان ويتابعه إسلاميون بشكل مكثف خلال تغريدة حذفها لاحقًا على منصة إكس إلى اغتنام الفرصة النادرة وأن تقدم جماعة الإخوان نفسها كبديل وتتحلى بالبراغماتية مثلما كان أحمد الشرع، وطالب من أسماهم (الإخوان في إسطنبول ولندن) بتنظيم صفوفهم وتقديم أنفسهم للمجتمع الدولي خصوصًا في ظل ما تواجهه مصر اليوم، مرجحًا أنه (قد تهب رياح تقتلع الجنرال وعساكره) ومشددًا على أن (من لم يغتنم الفرص لن يحقق مشروعه يومًا).

 خدمة للإسلاميين

اعتبر الناشط الإخواني أنس حسن ما يفعله ترامب خدمة كبيرة سيعرف الإسلاميون قيمتها لاحقًا، واصفًا إياها بأنها (عملية تدمير مجانية شاملة لأنظمة كاريكاتورية تحمل أسماء فخمة وجيوشًا من ورق).

تنظر جماعة الإخوان للمرحلة الحالية كفرصة لإعادة التموضع

وتنظر جماعة الإخوان للمرحلة الحالية كفرصة لإعادة التموضع في أعقاب فترة تراجع شهدت فشلًا كبيرًا في تجربة السلطة وتُوجت بعجز تاريخي عن تحقيق مُنجز يكافئ المنجز المصري والعربي في العام 1973 بعد هجوم طوفان الأقصى، ما يعني تحمل مسؤولية انهيار حلم الإسلاميين بالسلطة وانتكاسة قضية العرب والمسلمين الرئيسية.

وجعل صعود أسهم الجهاديين بالاستيلاء والهيمنة على السلطة في سوريا جماعة الإخوان متحمسة لاختراق مشهد رغبة الرئيس الأميركي في إخراج قرابة مليوني فلسطيني من غزة، مقابل تصميم مصر والأردن على رفض المشاركة في الخطة لأسباب ترجع إلى المسؤولية التاريخية عن تصفية القضية الفلسطينية كما تتعلق بأمنهما السياسي واستقرارهما الداخلي مع وجود أعداد كبيرة من مقاتلي حماس بين سكان القطاع المُدمر.

جماعة الإخوان الآن عبر رسائلها الضمنية للولايات المتحدة وإسرائيل يقول إنها شبيهة بأحمد الشرع في سوريا

ولسان حال جماعة الإخوان الآن عبر رسائلها الضمنية للولايات المتحدة وإسرائيل يقول إنها شبيهة بأحمد الشرع في سوريا ومحمود عباس في الضفة الغربية أكثر من كونها شبيهة بيحيى السنوار زعيم حماس الراحل، وأنها تمتلك الجرأة على التنازل لإسرائيل عمّا تريد من أراض لتوسيع احتلالها غير القانوني للدول أو أجزاء منها، بعكس مواقف قادة الدول العربية.

وتنظر جماعة الإخوان إلى مستقبلها في المشهد بعد سنوات من التخبط والتيه من زاوية اللعب مع الرابح الإقليمي وهو إسرائيل، التي تحتاج إلى إسناد في المراحل الأخيرة من الحرب لتحقيق هدفها الرئيسي وهو تهجير الفلسطينيين، بهدف السيطرة مع الشريك الأميركي على احتياطات النفط والغاز البحرية الضخمة، بجانب الدافعين الديمغرافي والأيديولوجي.

ولا يهم جماعة الإخوان وصمها بالخيانة أو اتهامها بالانخراط في مسار تبادل منافع مع المحتل الإسرائيلي وحليفه الأميركي، فالجماعة صاحبة امتياز سابق في هذا المضمار، ما يعني أنها لا تخشى من تلويث السمعة التي تلوثت بالفعل.

وثبت بشهادات من ساسة ومسؤولين أمنيين ورؤساء دول فضلًا عن مراقبين وخبراء أن جماعة الإخوان لم تكن لتنال ثقة الولايات المتحدة وتحظى بالدعم المالي والغطاء السياسي لتمكينها من السلطة في مصر عام 2012، إلا لتعهدها بتمرير مخطط التهجير عبر فصل سيناء عن مصر وجعلها ولاية جهادية لاستقبال المهجرين الفلسطينيين.

وبذلت جماعة الإخوان كل جهدها أثناء صعودها في أعقاب ما عُرف بثورات الربيع العربي لإثبات جدارتها بثقة الإدارة الأميركية من خلال تنفيذ الخطة بداية من سيناء عبر ربطها بخط نار إرهابي بغزة، قبل أن تنجح مصر في إفشالها بضبط الحدود وحصار التكفيريين المسلحين وتفكيك هياكل تنظيماتهم، لتبدأ نسخة جديدة من نفس الخطة لكن هذه المرة بداية من غزة عبر تدميرها وجعلها طاردة لسكانها.

 مجاراة الرؤية الأميركية

تراهن جماعة الإخوان على الصعود في إطار الرؤية الأميركية للمنطقة والخادمة بشكل رئيسي لمشروع إسرائيل التوسعي ويتضمن تهجير الفلسطينيين من غزة إلى سيناء ثم تهجيرهم من الضفة الغربية إلى الأردن، والتماهي مع رفض الحكومات الإسرائيلية أي مفاوضات حول الدولة الفلسطينية وعودة اللاجئين.

وتنال جماعة الإخوان مقابل ذلك الدعم الدولي والإقليمي لحكم دول عربية مدجنة غير قادرة على تحدي إسرائيل أو ردعها على غرار سلطة محمود عباس (أبومازن) في الضفة وأحمد الشرع (أبومحمد الجولاني) في سوريا.

ووضعت جماعة الإخوان قبل عقد ونصف العقد خارطة طريق الصعود والتمكين للإسلاميين التي تمر عبر نيل الرضا الأميركي والإسرائيلي، حيث القبول باقتطاع مساحات شاسعة من البلد التي يحكمونها، كمستوطنات يهودية تحت الحكم الإسرائيلي أو مناطق لتوطين الفلسطينيين، وفشلت هي في الاستمرار لخصوصية الحالة المصرية، بينما نجح الجهاديون في سوريا نتيجة التغييرات الدراماتيكية التي أعقبت هجوم طوفان الأقصى.

وبعد نجاح براغماتية أحمد الشرع والتغييرات الهائلة في المشهد الإقليمي والوصول إلى نقطة الاشتباك الأميركي – العربي والأميركي – المصري، تعود جماعة الإخوان للعب مجددًا في توقيت خطير؛ كونها مطالبة إذا كانت جادة في الاستجابة لدعوات نشطائها برسم مصير مصر والأردن على غرار مصير سوريا والفلسطينيين.

وباتت هناك حالتان وهو ما تدركه جيدًا مختلف الأطراف الفاعلة في المشهد الإقليمي سواء جماعات أو دول؛ الأولى الحالة العربية الساعية للحفاظ على ما تبقى من كرامة وحدود وثروة واستقلال عربي والخروج بالحد المقبول من حقوق الفلسطينيين في إطار حل الدولتين.

ومقابل الحالة الإسلامية (جماعة الإخوان وتنظيم القاعدة المعاد صياغته وبرمجته أميركيًا)، والتي ثبت بالممارسة والتطبيق العملي أنها تقبل بالانضواء في المعسكر الأميركي وبذل ما يُطلب منها لإبقاء الأمور هادئة بالنسبة إلى إسرائيل.

وثبت من خلال التجربة القصيرة لحكم الإخوان لمصر وتجربة حكم تنظيم القاعدة المُعاد تسميته لسوريا قبول الإسلاميين عمومًا لاحتلال إسرائيل مناطق إستراتيجية من البلد التي يحكمونها والتصدي للجماعات والخلايا التي تهدد بمحاربتها، نظير منحهم سلطة منقوصة تقتصر على الإدارة المحلية والإشراف على المدارس والمستشفيات وجمع القمامة، والاستعانة بقوات أمنية تحمل سلاحًا خفيفًا للقمع الداخلي، وغير قادرة ولا راغبة في تحدي الاحتلال الإسرائيلي.

وتزامن مع هيمنة الإسلاميين على السلطة في سوريا ترسيخ المرحلة الثانية من الإبادة الجماعية الإسرائيلية وتوسيع إسرائيل الكبرى، متضمنة الاستيلاء على المزيد من الأراضي السورية مع دعوات التوسع إلى دمشق وجنوب لبنان وغزة والضفة الغربية.

ولا تستغني سياقات التحضير للاستعمار الأميركي والإسرائيلي لغزة ما يتطلب تطهير الفلسطينيين عرقيًا وتهجيرهم إلى سيناء، عن أدوار جماعة الإخوان التي تمتص غضب المحافظين الإسلاميين من جهة، ومن جهة أخرى تثأر لنفسها من الدول والمؤسسات والأجهزة العربية، علاوة على الإسهام في تنفيذ المخطط مع ضمان عدم حدوث ردات فعل إرهابية من جماعات إسلامية.

ويحقق انخراط تيار الإسلام السياسي وفي القلب منه جماعة الإخوان في مخطط التهجير الرؤية الأميركية القائمة قبل سنوات طويلة على إضفاء الصبغة الإسلامية الزائفة على الاستيلاء على قطاع غزة وطرد الفلسطينيين منه، بهدف الإسهام في امتصاص الغضب الإسلامي المتوقع والتقليل من الهجمات الإرهابية في العمق الغربي والأميركي.

المصدر : العرب اللندنية 

زر الذهاب إلى الأعلى