“حماس” وإسرائيل.. مكاسب متبادلة على حساب الجهاد الاسلامي
وكالة وطن 24 الاخبارية – لم ترغب “حماس” في الانضمام إلى حركة الجهاد الإسلامي في المواجهة الأخيرة لتجنب خسائر اقتصادية وتحقيق مكاسب سياسية مع إسرائيل
تركز التحليلات الإسرائيلية في الفترة الحالية على موقف حركة حماس في الاشتباكات الأخيرة، التي دارت بين إسرائيل وحركة الجهاد الإسلامي، على خلفية عملية الاستهداف التي نفذتها إسرائيل بقطاع غزة للقيادي تيسير الجعبري، في عملية نوعية دقيقة؛ تسببت في اشتباكات استمرت نحو 3 أيام وانتهت بالتوصل إلى اتفاق على هدنة هشة.
وسلطت الصحف الإسرائيلية المختلفة، في الأيام الماضية، الضوء على موقف “حماس”، ووصفته بأنه “براجماتي”، يتسق مع مواقف “حماس” بالرغبة في تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية، كما جاء في مقال بصحيفة “هآرتس” للكاتب الإسرائيلي تسفي بارئل، مشيراً إلى ما وصفه بـ”براجماتية حماس” التي خلقت شريكاً جديداً لإسرائيل، حتى إن عمليات الإغاثة والمساعدات التي تقدمها تل أبيب لقطاع غزة كانت بمثابة “هدية” لـ”حماس”.
الكاتب الإسرائيلي تسفي بارئل، ”براجماتية حماس” التي خلقت شريكاً جديداً لإسرائيل
وأضاف أن إسرائيل تمكنت من الحفاظ على الاحتلال، دون دفع ثمن دبلوماسي؛ بسبب عدم وجود ممثل واحد للشعب الفلسطيني، مع وجود تنافس بين حركتَي فتح وحماس، معتبراً أن “حماس” منظمة ملتزمة ببقائها واستمرار حكمها لغزة، وهو ما أصبح هدف إسرائيل الاستراتيجي أيضاً.
وأوضح أن الطريقة الأكثر فاعلية وحقيقية لتحقيق هذا الهدف المشترك، لا تقوم على وهم المحادثات المباشرة مع “حماس”؛ ولكن من خلال تسهيل عملية إعادة الإعمار، ومنح تصاريح العمل، أو تأشيرات العبور للطلاب، وتوسيع منطقة الصيد المسموح بها قبالة ساحل غزة، والسماح بتحويل الأموال؛ لدفع رواتب موظفي الخدمة المدنية.
تنسيقات متبادلة
لم تكن “حماس” مهتمة بتصعيد المواجهة في غزة، حسب الدكتور نمرود جورن، مؤسس ومدير المعهد الإسرائيلي للسياسات الخارجية الإقليمية، الذي يقول لـ”كيوبوست” إنها فضلت عدم التدخل عسكرياً، وهو ما قد يكون مرتبطاً بمصالحها السياسية، داخل الساحة الفلسطينية بشكل عام، وتقييمها ما إذا كان بإمكانها تحقيق مكاسب في حالة التصعيد من عدمه؛ خصوصاً في ظل تراجع الدعم للحرب من جانب أهالي غزة، في ظل زيادة تصاريح العمل التي قدمتها إسرائيل لسكان القطاع في الشهور الأخيرة.
يشير نمرود جورن إلى أنه على الرغم من عدم وجود محادثات مباشرة بين إسرائيل و”حماس”؛ فإن كل طرف ينقل رسالته إلى الطرف الآخر حول نيته في الامتناع عن تصعيد كبير، فالحكومة الإسرائيلية الحالية لديها توجه مختلف تجاه حكم “حماس” في غزة عن الحكومات السابقة، لافتاً إلى أن تل أبيب و”حماس” توفران طريقاً مؤقتاً يخدم مصالح كل طرف.
نمرود جورن الحكومة الإسرائيلية الحالية لديها توجه مختلف تجاه حكم “حماس” في غزة ، لافتاً إلى أن تل أبيب و”حماس” توفران طريقاً مؤقتاً يخدم مصالح كل طرف.
يدعم هذا الرأي الكاتب والمحلل السياسي بصحيفة “يسرائيل هيوم”، جلال بنا، الذي قال إنه على الرغم من إعلان إسرائيل انتصارها في المواجهة الأخيرة مع “الجهاد”؛ فإن النجاح الحقيقي لم يكن عسكرياً بقدر ما هو سياسي، وتحديداً من خلال عدم انضمام “حماس” لمواجهة إسرائيل بجانب “الجهاد”، وبالتالي فتح جبهة حرب طويلة الأمد قبل موعد الانتخابات الإسرائيلية.
وأضاف بنا أن ما حدث يظهر التفاهمات المشتركة بين إسرائيل و”حماس”، والتي تمر عبر مصر، وأطراف أخرى تقوم بتمويل ومساعدة حركة حماس؛ حيث باتت هناك رغبة لاستمرار التهدئة الأمنية، وعدم إطلاق الصواريخ من القطاع تجاه إسرائيل، أو تنفيذ أية عمليات استهداف لقادة “حماس” في القطاع، مع استمرار فتح المعابر؛ لإدخال البضائع والمساعدات.
الكاتب والمحلل السياسي بصحيفة “يسرائيل هيوم”، جلال بنا : ما حدث يظهر التفاهمات المشتركة بين إسرائيل و”حماس”، والتي تمر عبر أطراف تقوم بتمويل ومساعدة حماس
وأكد أن استمرار الوضع الاقتصادي في التحسن، ومنح التصاريح للعمالة الفلسطينية في القطاع، وتسهيل حركة بيع ما يتم إنتاجه؛ من شأنه تخفيف الضغط الجماهيري والشعبي على “حماس” بغزة، لكونها المسؤول الأول عن إدارته، مشدداً على احتياج كلٍّ من تل أبيب و”حماس” إلى بعضهما البعض، حتى لو لم يتم التنسيق بشكل مباشر، ويتم الاكتفاء بالوسطاء.
يرجح جورن تطلع إسرائيل، في الوقت الحالي، إلى الاستفادة من نتائج عمليتها العسكرية في غزة بشكل إضافي، من خلال تبادل محتمل للأسرى، وخطوات اقتصادية إضافية؛ ستشكل حال تنفيذها مصدر دعم أكبر لـ”حماس” في غزة.
يختتم جلال بنا حديثه بالتأكيد أنه على الرغم من العدائية المعلنة بين الطرفَين؛ فإن هناك تفاهمات وتنسيقاً، وحتى مفاوضات بين “حماس” وإسرائيل؛ لأن عملية إعادة بناء البنية التحتية، وإدخال المساعدات والتهدئة الأمنية أمور ستخدم “حماس” بشدة؛ من أجل تحقيق مصالحها في وقت تحتاج فيه إسرائيل إلى التهدئة، بسبب الأزمة السياسية الداخلية التي أثرت بشكل سلبي على الحياة السياسية، وأدخلت البلاد في دوامة من الانتخابات مع استمرار قرارات حل الكنيست.
المصدر ـ”كيوبوست”