جرّ القضاء لأتون الصراع.. حيلة إخوانية جديدة لتعطيل انتخابات ليبيا

بشتى الطرق، يطرق الإخوان، كل الأبواب لتعطيل الانتخابات الليبية المرتقبة، هذه المرة محاولة جديدة للطعن على “انتخاب الرئيس” عبر القضاء.

يحاول المجلس الأعلى للقضاء الذي يرأسه القيادي الإخواني خالد المشري، جرّ القضاء لأتون الصراع، عبر المطالبة بعقد الدائرة الدستورية للطعن على “انتخاب الرئيس”، وهو الطلب الذي قوبل بمذكرة برلمانية رافضة لأي إجراء يعطل الانتخابات.

وفيما أعلن المشري رفضه القاطع لقانون انتخاب الرئيس، متوعدًا باستخدام خيارات أخرى في تعامله مع البرلمان الليبي، كشفت تقارير صحفية عن اتفاق بين الأول ورئيس الأعلى للقضاء محمد الحافي على انعقاد الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا للنظر في الطعن على قانون انتخاب الرئيس الصادر مؤخرا عن البرلمان.

إلا أن المجلس الأعلى للقضاء نفى تلك التقارير، مؤكدًا في بيان مقتضب، أن طلب استئناف عمل الدائرة الدستورية المقدم من عدة أطراف، سيعرض على الجمعية العمومية للمحكمة العليا صاحبة القرار.

وعبرت لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان الليبي عن استغرابها، من الدعوة المريبة لعقد هذه الدائرة القضائية، التي ظلت مغلقة لمدة 6 سنوات.

تجاذبات سياسية

وحذرت اللجنة البرلمانية، من أن تصريحات الإخوان المسلمين ليست إلا محاولة لجر القضاء في أتون صراع سياسي، ما سيؤدي إلى فقدان الثقة فيه واعتباره طرفاً في النزاع.

يقول المحلل السياسي الليبي كامل المرعاش، في تصريحات لـ”العين الإخبارية”، إن المجلس الأعلى للقضاء سيحافظ على إبعاد نفسه عن التجاذبات السياسية ومحاولة جره للعب دور في عرقلة تنظيم الانتخابات، حسب رغبة ما يعرف بـ”المجلس الأعلى الدولة” الذراع السياسية لتنظيم الإخوان المسلمين.

وأوضح المرعاش، أن بيان لجنة الدفاع والأمن القومي يأتي للتذكير بأن الزج بالمجلس الأعلى للقضاء في هذه المسألة، هو محاوله لجره إلى صف المعرقلين للانتخابات، وهو ما تبحث عنه الأطراف المسيطرة على مؤسسات الدولة في العاصمة طرابلس.

ضغوط الميليشيات

وحول إمكانية انعقاد الدائرة الدستورية، قال المحلل الليبي، إن المجلس الأعلى للقضاء يريد المحافظة على استقلاليته، من جهة وعدم انقسامه إلى طرفين مثل المؤسسات السيادية الأخرى، رغم تعرضه لضغوط الميليشيات التي يحركها خالد المشري بالتحريض ضده، ولوجوده في طرابلس التي تعج بالمليشيات المسيطرة على كافة أجهزة ومؤسسات الدولة.

أما عن إمكانية تأجيل الانتخابات القادمة حال قبول الطعن، فأكد المرعاش، أن ذلك يتوقف على موقف المجتمع الدولي وخصوصًا الأطراف الفاعلة مثل أمريكا، ومدى مصداقيتها في الضغط على تركيا والمليشيات الموالية لها، ومنعها من التأثير المباشر على الانتخابات وإجرائها في ظروف شفافة ونزيهة، محذرًا من العودة إلى مربع العنف والحرب إذا لم يعترف الشعب الليبي بنتائج الاستحقاق الدستوري المقبل، حال سيطرة الإخوان.

وأكد المحلل الليبي، أن الدول الغربية التي قال إنها تتلاعب بمصير ومستقبل ليبيا، ستخسر الكثير من استمرار حالة الفوضى وحكم الميليشيات في ليبيا، خصوصًا القارة الأوروبية القريبة من شواطئ ليبيا، والتي ستكون مسرحًا لانتقال الآلاف من المهاجرين السريين وعناصر التنظيمات الإرهابية التي تنقلها تركيا إلى شمال غرب المدن الليبية.

طعن برلماني

وردًا على تساؤلات حول مطالبة البرلمان الليبي بالطعن على عدة اتفاقيات سابقة، بينها اتفاقية رئيس حكومة الوفاق السابق فائز السراج والرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأمنية، قال المرعاش، إن البرلمان أراد التذكير بعدم قانونية هذه الاتفاقات التي لم يصادق عليها، وهو العذر الذي تستند إليه تركيا في إبقاء قواتها ومرتزقتها في شمال غرب ليبيا.

وكانت لجنة الدفاع، قالت إنها تجهز دعاوى لرفعها حال فتح الدائرة الدستورية، بينها طعن في دستورية الاتفاقية الأمنية والعسكرية الموقعة في نوفمبر/تشرين الثاني 2019 بين السراج وأردوغان، بالمخالفة لكل التشريعات والقوانين.

كما ستتضمن الطعن في دستورية قرارات السراج التي أصدرها منتحلا صفة القائد الأعلى وتعيينه رئيسًا أركان وتحديده مناطق عسكرية وتسمية أمراء لها بالمخالفة لكل التشريعات والقوانين، والطعن في دستورية المجلس الرئاسي الحالي- صفة/ القائد الأعلى للقوات المسلحة، على اعتبار أن الاتفاق السياسي (خريطة الطريق) لم يتم تضمينه في الإعلان الدستوري.

نقاط رئيسية

المحلل السياسي الليبي أيوب الأوجلي، وافق المرعاش في بعض تصريحاته، إلا أنه قال إن بيان اللجنة البرلمانية كان مرتكزا على نقاط رئيسية، بينها موضوع فتح الدائرة الدستورية في هذا التوقيت تحديدا ،بعد إغلاقها لست سنوات، ما قد يجعل من القضاء الليبي طرفا في الصراع السياسي.

وأوضح الأوجلي، في تصريحات لـ”العين الإخبارية”، أن ما يحدث الآن يعيد ليبيا إلى ما فعله تنظيم الإخوان قبل سنوات تحديدا عند انقلابهم على انتخابات مجلس النواب عن طريق المحكمة الدستورية، مشيرًا إلى أن عناصر التنظيم يحاولون إعادة الكرة الآن بعد التأييد الدولي الكبير الذي حظي به قانون انتخاب الرئيس الصادر عن مجلس النواب.

وحول ما إذا كان لتنظيم الإخوان نفوذ على المجلس الأعلى للقضاء، قال المحلل السياسي الليبي، إنه لا يوجد شواهد ثابتة على سيطرة التنظيم على المجلس، لكن ما سيحدث في الأيام المقبلة سيثبت ما إذا كان المجلس يرضخ للتنظيم أو لا، لا سيما إذا أعاد ذات السيناريو الذي نفذه قبل 6 سنوات ورفض قانون انتخاب الرئيس.

وأشار إلى أن البرلمان كما يعلم الجميع لم يكن موافقا على هذه الاتفاقيات واعتبرها غير قانونية، ولم يتمكن من تقديم طعون في هذه الاتفاقيات لدى المحكمة بسبب إغلاق الدائرة الدستورية في تلك الفترة.

اتفاقيات سابقة

وحول أسباب إعادة البرلمان الليبي الإشارة إلى الاتفاقيات السابقة كاتفاقية السراج وأردوغان، قال المحلل السياسي الليبي، إن لجنة الدفاع النيابية أرادت التأكيد على ضرورة أن تلتزم الدائرة الدستورية بالنظر في كافة القضايا والطعون لتجنب الشبهات والنأي بنفسها عن أي تجاذبات وصراعات، وهو ما يجب أن يثبته القضاء الليبي خلال الأيام القادمة.

وكانت لجنة الدفاع والأمن القومي، قالت إنها ستطعن –كذلك- في دستورية قرارات أصدرها رئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة بصفته وزيراً للدفاع دون أي سند دستوري ينص على تسميته في هذا المنصب، إضافة إلى الطعن في دستورية اتفاقيات السراج مع إيطاليا فيما يخص الهجرة غير الشرعية، وقرارات عسكرية أخرى صدرت باسم المجلسين الرئاسي السابق والحالي ووزارة الدفاع الحالية والسابقة (منعدمة الصفة)، بالمخالفة للتشريعات والقوانين.

زر الذهاب إلى الأعلى