الاقتصاد مقابل الأمن .. واقع غزة

وكالة وطن 24 الإخبارية : مباشرة بعد هبة أيار الماضي والمواجهات على جبهة غزة والتي أطلقت عليها فصائل المقاومة الفلسطينية مُسمى (سيف القدس) راج بكثافة حديث عن هدنة على جبهة غزة، وتناثرت الأخبار كما هي العادة عن شروط حماس وشروط إسرائيل وعن الضمانات وعن صفقة تبادل الأسرى لدرجة الحديث عن أعداد وشخصيات معينة، كما تضاربت الأخبار عن ربط الهدنة بإعادة الاعمار والأموال القطرية والجهة التي تُشرِف على الإعمار وحكومة الوحدة الوطنية، كما هددت فصائل المقاومة بالعودة إلى الهجمات الصاروخية أو الإرباك الليلي والمناوشات على جبهة غزة إن تعطلت عمليات إعادة الإعمار أو تأخرت الأموال القطرية أو عادت إسرائيل لسلوكها العدواني في الشيخ جراح بالقدس…

فجأة غابت الأنباء عن الهدنة وعن صفقة الأسرى وتشهد حدود غزة حالة هدوء غير مسبوقة، حتى عندما انطلقت صواريخ فلسطينية تجاه تل أبيب في ليلة ماطرة وعاصفة لم يتم تبنيها من أي فصيل بل وبما يشبه الاعتذار قيل بأنها انطلقت نتيجة خطأ تقني بسبب الجو الماطر والعاصف، وتزامنا مع ذلك باشرت مصر عملية الاعمار وتدفقت الأموال القطرية على القطاع مع تسهيلات في دخول البضائع والأفراد عبر كل المنافذ كما يجري التسجيل في غزة لدخول الآلاف من عمال غزة لإسرائيل وبإشراف وزارة العمل التابعة لحكومة حماس وبالفعل يدخل يوميا مئات العمال من غزة للعمل في إسرائيل، وغاب خطاب التهديد والوعيد لإسرائيل الذي طالما سمعناه على لسان قادة حماس وفصائل المقاومة، بل إن حركة حماس بلَّغت المصريين رسالة يوم السابع عشر من يناير بأنها ليست معنية بالتصعيد ردا على ما يجري في الشيخ جراح .

فما الذي يجري في غزة ولغزة؟ وهل هناك صفقة هدنة، برعاية مصرية وقطرية و تنسيق أمريكي أوروبي، تم توقيعها بين حركة حماس وإسرائيل دون بقية الفصائل ومع استثناء قضية الأسرى منها؟ وهل استقر الأمر على كيان في غزة تحت وصاية مصرية وهو الأمر الذي حذرنا منه منذ إعلان شارون عام 2004 عن خطته للانفصال عن غزة ؟ وهل حققت حماس أهدافها المرسومة لها منذ تأسيسها وهو السيطرة على قطاع غزة وخصوصا بعد أن أصبحت المصالحة الوطنية مستبعدة بعد الاجتماع الأخير للمجلس المركزي وبعد تعثر المبادرة الجزائرية؟

لا يهم إن كان أبناء حركة حماس في قطاع غزة يعلمون أو لا يعلمون ما كان الإخوان المسلمين يخططون له لغزة، ولا يهم إن كانت قيادة حركة حماس في غزة شاركت بوعي أو تورطت بدون وعي في مخطط الفوضى الخلاقة الأمريكية والمشروع الإخواني وبمخطط إسرائيل لفصل غزة عن الضفة تمهيدا لسيطرة حماس على القطاع، فقد جرى ما جرى وحماس اليوم تتفرد بالسيطرة على القطاع وهي العنوان الرئيس له، وكل الدلائل تقول بأن هدنة تم توقيعها أو التفاهم عليها بعد حرب أيار (معركة سيف القدس) والكل يتكتم عليها لأن شروطها لا تنسجم مع ما كانت تطالب به فصائل المقاومة، إنها هدنة تنسجم مع مخطط السلام الاقتصادي ومعادلة (الاقتصاد مقابل الأمن) تكرس الفصل وتقطع الطريق ليس فقط على المصالحة بل أيضا على إعادة استنهاض الحالة الوطنية انطلاقا من قطاع غزة.

زر الذهاب إلى الأعلى