من قواعد الفكر الإخواني.. الإرهاب فريضة والاغتيال سنّة

وكالة وطن 24 الاخبارية : هذا العنوان ليس عنواناً صحفياً زاعقاً، أو رأياً للكاتب في جماعة عاين العالم ولا يزال يعاين إرهاب أفرادها، لكنّه وصف الجماعة لنفسها عبر عضو من أعضائها؛ أبو مصعب السوري أو عمر عبدالحكيم أو مصطفى ست مريم، كلّها أسماء لشخص واحد سوري الجنسية ولد في العام 1958، وانتسب لجماعة الإخوان المسلمين في سورية، قبل أن يصبح عضواً قيادياً في “الطليعة المقاتلة” التنظيم المسلح الذي أسسته جماعة الإخوان هناك.

الإرهاب أولاً

يذكر الرجل في إطار رواية عمّن علموه من الرعيل الأول من الإخوان المسلمين قائلاً في كتابه “دعوة المقاومة الإسلامية العالمية”: “أُلحقت بدورة تدريبية لإعداد كوادر الجهاز العسكري لتنظيم الإخوان المسلمين، أيام الجهاد والثورة على حافظ الأسد، وكان لي من العمر 22 عاماً، وكان ذلك في معسكر الرشيد التابع للجيش العراقي ببغداد العام 1980 (تأمل كيف كانت بعض الحكومات في إطار الصراع فيما بينها تدعم الإرهاب منذ وقت مبكر، ومعلوم بالطبع الخصومة بين فرعي البعث في سورية والعراق في تلك الفترة).

ولما دخل علينا المدرب وكان رحمه الله رجلاً فاضلاً وشيخاً مسنّاً من الرعيل الأول، من الذين بايعوا الشيخ حسن البنا رحمه الله لما كان عمره سبعة عشر عاماً، وجاهد في فلسطين 1948 وجرح في القدس وعمل في الجهاز الخاص، وشارك في المقاومة السرية ضد الإنكليز في قناة السويس مطلع الخمسينيات، وصحب سيد قطب وهاجر عن مصر بقية حياته، فكان مدرباً في معسكرات الشيوخ في شرقي الأردن مع منظمة التحرير 1969، وانتدب لمساعدة أكثر من حركة جهادية ساندها الإخوان عندما كانوا إخواناً على منهج البنّا وقطب، قبل طاعون الديمقراطية والبرلمان (تأمل الرجل.. لا يفصل بين البنّا وقطب في النهج والسلوك، على ما يحاول البعض إقناعنا به الآن عن وجود تباين بين الرجلين)، فكان يدربنا المواد العسكرية، وكان أوّل ما قاله لنا بلهجته المصرية: إنتوا إخوان مسلمين؟ فقلنا نعم، فقال متأكدين يا بني؟ فقال مشيراً إلى عنقه “يبقى حتدبحوا كلكوا” “موافئين”؟ فقلنا جميعاً والسرور والبهجة تغمرنا “موافقين يا بيه”، فاستدار إلى السبورة وكتب عليها عنوان أولى المحاضرات “الإرهاب فريضة والاغتيال سنة”، وخط تحتها خطاً واستدار لتبدأ الدروس ويبدأ المشوار، فوعينا الدروس وطال المسار وبقيت البشارة والأمل في كرم الله كبيراً لمن قضى نحبه من ذلك الفريق ولم ينتظر، وهذا الذي لخصه الشيخ رحمه الله جزءاً من عقائد هذا الدين وقد افتتحت بها فيما بعد دروسي”.

أبو مصعب السوري أحد أهم منظّري القاعدة، وينسب له البعض كتابة مانفستو داعش “إدارة التوحش”، ويعتقد بعض المراقبين أنّه أصبح قائداً عسكرياً في هذا التنظيم.

عندما اتصل “السيد الرئيس” بالظواهري

انتهت رواية الرجل، لكن لم تنتهِ آثارها في واقعنا اليوم، الذي نحت فيه تلك الكيانات الحركية منحى العنف بشكل واضح، وبديباجات وتفسيرات منها هذا العنوان الصادم الذي يجعل الإرهاب بصورته لديهم قتلاً وتدميراً وتمثيلاً وشذوذاً فريضة إلهية، تعالى الله عن ذلك علواً عظيماً.

عرفنا في مسيرة جماعات العنف عناوين متعددة؛ فهذه جماعة الجهاد المصرية، التي كان من زعمائها أيمن الظواهري الذي كان إخوانياً قبل أن يختار لافتة “الجهاد” التي لم تمنعه من أن يؤكد على أستاذية سيد قطب له وإيمانه بأفكاره، “فلقد كانت ومازالت دعوة سيد قطب إلى إخلاص التوحيد لله والتسليم الكامل لحاكمية الله، ولسيادة المنهج الرباني شرارة البدء في إشعال الثورة الإسلامية ضد إعداء الإسلام في الداخل والخارج”.

هل كان تواصل محمد مرسي الإخواني رئيس مصر المعزول مع أيمن الظواهري هاتفياً فترة وجوده في الحكم وهو يتزعم أكبر وأخطر تنظيم جهادي وهو القاعدة أمراً طبيعياً؟

البرمجة الإخوانية للعنف بمصر

هل كان اجتماع فصائل السلفية الجهادية في الشيخ زويد في سيناء يوم 5 تموز (يوليو) 2013 في أعقاب ثورة الشعب المصري على حكم الإخوان، وإعلان خارطة الطريق في 3 (يوليو) 2013 وإعلانها الحرب على الدولة المصرية، بعد هدوء في ساحة سيناء طوال فترة وجود الإخوان في الحكم مصادفة؟ أم حديث مرسي عن سلامة الخاطف والمخطوف في معرض تعليقه على اختطاف جنود في سيناء، ثم إرساله لمستشاره الشخصي عماد عبدالغفور للتواصل مع جماعات العنف في سيناء؟ أو الحديث عن تمويل خيرت الشاطر رجل الجماعة القوي لمجموعات العنف في سيناء أمراً طبيعياً ومفهوماً يؤكد أنّ الجماعة ليس لها علاقة بالعنف، أم أنّ الجماعة عبر نصوص مؤسسيها ومنظريها وعبر ممارسة سجلها التاريخ، أكدت أنّ العنف مكوِّن بنيوي في مسيرتها يظهر في حال التمكن ويتوارى في حال التمسكن، في إطار خطاب التقية الذي قربها مرة ثانية من منهج الملالي في إيران؟

تواصل رئيس مصر الإخواني محمد مرسي مع الظواهري هاتفياً خلال فترة حكمه

هل كان مصادفة ظهور عمليات العنف التي أطلقتها الجماعة عبر ما يسمّى بأجنحة العمل النوعي التي تسمَّت بأسماء مختلفة، سواء العقاب الثوري، أو كتائب المقاومة الشعبية، أو حركة سواعد مصر (حسم)، أو لواء الثورة، أو غيرها من المسمّيات، لتنظيمات صغيرة نشطت في الوادي والدلتا سواء في عمليات قتل لعناصر الشرطة أم القضاة أم غيرهم، بالتوازي مع نشاط جماعة أنصار بيت المقدس التي ارتفعت وتيرة عملياتها بعد خروج الإخوان من الحكم على نحو لافت؟ هل كان دعم منابر فضائية قطرية أو تركية لهذه المجموعات لوناً من ألوان النضال السياسي المشروع؟! هل كان ذلك أيضاً مصادفة أم لوناً من ألوان التكامل بين اللاعبين في ساحة العنف في مصر وخيارهم الاستراتيجي القتل والإرهاب دون مواربة.

إيمان إخوانيّ متجذّر بالعنف

قتلت الجماعة العام 1948 القاضي أحمد الخازندار في إعلان مبكر عن العداء للسلطة القضائية، ولم يكن حصار أعضائها للمحكمة الدستورية في العام 2012 سوى تأكيد جديد على تلك العداوة.

قتلت الجماعة رأس السلطة التنفيذية محمود فهمي النقراشي في العام 1948 أيضاً، ولم يكن ذلك سوى تأكيد على نزعة القتل التي تأكدت في مشهد جديد.

قتلت الجماعة أحد قيادات نظامها الخاص السيد فايز عبد المطلب العام 1953 بطرد مفخخ، فأكدت ريادتها لهذا اللون من العنف الذي تطور لاحقاً في أفعال داعش والنصرة وغيرها، وكل تلك العمليات الإرهابية اعترف مرتكبوها بها في تحقيقات قضائية تحت ظل قضاء طبيعي مستقل.

حرقت الجماعة ممتلكات اليهود في مصر مع تأسيس “إسرائيل”، فهل كان ذلك لوناً من ألوان الجهاد أم دفعاً لليهود المصريين للهجرة إلى “الدولة الوليدة”؟ هل كانت مصادفة أن تبدأ العمليات ضد اليهود فور تأسيس “الدولة”؟

الجماعة أكدت أن العنف مكوّن بنيوي في مسيرتها يظهر في حال التمكن ويتوارى في حال التمسكن

هل كان العنف دخيلاً على سلوك الجماعة وأفكارها ومقولاتها الرئيسة؟ يجيب حسن البنا الذي يخاطب الإخوان في رسالة المؤتمر الخامس “وفي الوقت الذي يكون فيه منكم معشر الإخوان المسلمين ثلاثمائة كتيبة قد جهزت كل منها نفسها روحياً بالإيمان والعقيدة، وفكرياً بالعلم والثقافة، وجسمياً بالتدريب والرياضة، في هذا الوقت طالبوني بأن أخوض بكم لجج البحار، وأقتحم بكم عنان السماء، وأغزو بكم كل عنيد جبار، فإني فاعل إن شاء الله”.. وقد فعل، وفعلتها الجماعة مراراً وتكراراً، في تأكيد عملي على إيمانها بالقتل والإرهاب وسيلة لنصرة مشروعها الذي لم يعد ملتبساً ولا غامضاً بعدما أنتج لنا كل تلك الفوضى التي تضرب عالمنا العربي والإسلامي.

المصدر : حفريات

زر الذهاب إلى الأعلى