لماذا تخاف حماس من الكوفية؟
نشرت صحيفة “الحياة الجديدة”، مقالا للكاتب باسم برهوم، بعنوان “لماذا تخاف حماس من الكوفية؟”، وفيما يلي نصه:
ارتبطت الكوفية بالقائد الرمز ياسر عرفات، وتحولت إلى رمز لفلسطين والوطنية الفلسطينية، وتعبير عن وحدة الشعب الفلسطيني، وهي رمز لمقاومته للمشروع الصهيوني الاستعماري. اختيار أبو عمار للكوفية لم يكن اعتباطيا، أو من فراغ، فكان الشهيد عبد القادر الحسيني قائد جيش الجهاد المقدس، الذي استشهد في معركة القسطل مدافعا عن القدس يلبسها، والكوفية كانت رمزا لثوار ثورة عام 1936- 1939, باختصار الكوفية هي هذا التعبير الواضح عن الشخصية الوطنية للشعب الفلسطيني.
حماس باعتبارها فرع جماعة الإخوان المسلمين في فلسطين، هي لا تعترف بالهوية الوطنية، بل تعتبرها نقيضا لفكرها وعقيدتها الاسلاموية، التي لا تؤمن بالوطنية، بل بالأمة، وبالنسبة للاخوان وحماس فإن نيجيريا أو أفغانستان أو إندونيسيا لها نفس الأهمية مع فلسطين، اما خوف حماس ورفضها المباشر للكوفية الفلسطينية فله علاقة بفتح، التي ترى فيها حماس العقبة الوطنية التي تقف أمام استراتيجيتها، بربط القضية الفلسطينية، والاستيلاء على قرارها الوطني، لمصلحة أهداف جماعة الاخوان وتنظيمهم الدولي.
محاولات حماس طمس رمزية الكوفية، هو طمس للهوية الوطنية، وممثلها منظمة التحرير الفلسطينية، وبالتحديد حركة فتح. فحماس الاخوانية، تعتقد أنها إذا نجحت في تشويه تاريخ المنظمة، وفتح، تنجح في فصل الشعب الفلسطيني عن رمزيات هويته الوطنية، ومن يتابع حماس منذ تأسيسها عام 1988، وحتى عندما كانت مجرد جماعة اخوانية، فإن الهدف الإستراتيجي لها ولماكيناتها الاعلامية هو تشويه المنظمة، وفتح.
وإذا نظرنا في إطار الدائرة الاوسع للاحظنا أن جماعة الإخوان في كل بلد عربي كان لها مهمة رئيسية واحدة، هي تشويه القوى الوطنية والقومية، وسعت وتسعى لهدم الدول الوطنية العربية، وكان هذا الدور بمنتهى الوضوح في مرحلة “الربيع العربي” فالجماعة ترى في تحقيق الهدف خدمة لمشروعها الإخواني المسنود من قبل وكالات المخابرات الدولية.
وأذكر هنا أن حماس وعندما سيطرت على قطاع غزة بالقوة، قامت بنزع العلم الوطني الفلسطيني، ووضعت مكانه علم حماس على كل المؤسسات الرسمية، ولاحظنا أن همها كان تحطيم صورة رمز الوطنية الفلسطينية، ياسر عرفات والدوس عليها بطريقة حاقدة. وحتى عندما تعاملت مع العلم الفلسطيني فهي تستخدمه بطريقة تكتيكية كمرحلة حتي تسيطر تماما على الساحة الفلسطينية، ولعل طالبان مثال عندما نزعت العلم التاريخي لأفغانستان وفرضت علمها.
وتتلاقى حماس في هذا الخوف، وهذا العداء للكوفية والعلم الوطني الفلسطيني، مع دولة الاحتلال الاسرائيلي، ومن يعود للتاريخ سيقرأ كيف كانت قوات الاستعمار البريطاني تمنع الفلسطينيين من لبس الكوفية خلال ثورة عام 1936، وكانت تدعمها في ذلك العصابات الصهيونية الإرهابية. كما سجل التاريخ المعارك بين قوات الاحتلال الاسرائيلي والمناضلين الفلسطينيين حول رفع العلم الفلسطيني، وهي معركة لا تزال محتدمة في القدس المحتلة. لنسأل أنفسنا: هل معركة حماس مع الكوفية ومن يلبسها، أو هي مع الاحتلال؟
إن لدى الشعب الفلسطيني ثقة تامة أن حماس ستخسر معركتها مع الكوفية، ومع الوطنية الفلسطينية المتجذرة مهما قامت بتشويه لمنظمة التحرير الفلسطينية ولفتح كما خسرت إسرائيل من قبلها، فالكوفية لم تعد وحسب رمزا للثورة الفلسطينية المعاصرة ولكنها أصبحت رمزا للثورة العالمية ضد الظلم والاستغلال والعنصرية.
ولنسأل أنفسنا: هل من يخاف الى هذا القدر من الكوفية، معني حقيقة بالوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام حقا..؟؟
الجواب بسيط.. ان جماعة الإخوان فعلا لا تؤمن أساسا بالشراكة، وتجربة الشعب الفلسطيني مع حماس في الانتفاضة الاولى وفي كل المراحل قاسية حيث كانت العنوان لشق وحدة الشعب الفلسطيني وليس العكس.