قمة العقبة الطارئة،، بين صوت العقل وصوت المزايدات
الكاتب: المحامي زيد نعيم الطوباسي (الايوبي)
منذ اكثر من عام والعدوان الاسرائيلي البغيض على شعبنا مستمر وطوال هذه المدة ارتكب الاحتلال ابشع المجازر والجرائم بحق شعبنا في غزة والضفة الغربية والقدس ناهيك ان الاقتحامات المتكررة للمسجد الاقصى واداء غلاة المستوطنين وقياداتهم طقوسا تلمودية في الباحات المقدسة واخرها بدعة السجود الملحمي التي يعتبرها المستوطنيون اسمى انواع الوفاء لهيكلهم المزعوم..
في ايار 2021 وتزامنا مع شهر رمضان المبارك شن الاحتلال هجوما همجيا على المسجد الاقصى وسكان حي الشيخ جراح فما كان من الفصائل الفلسطينية وبينها حماس في غزة الا اطلاق الصواريخ باتجاه كيان الاحتلال دفاعا عن المقدسات وحي الشيخ جراح والاحتلال رد بقوة اكبر فقتل منا حوالي 300 شهيد وجرح حوالي 2500 انسان ودمر المئات من المساكن والابراج والبنية التحتية حتى قدر مراقبون ان اكثر من 50000 الف فلسطيني باتوا يفترشون الارض ويلتحفون السماء بعد ان دمرت طائرات الاحتلال بيوتهم ومساكنهم وبعدها خرج علينا قائد حماس في غزة ليعلن ان حركته جهزت 1111 صاروخ في الرشقة الواحدة في حال تكرر مشهد اقتحام المسجد الاقصى من قبل المستوطنين .
في الجانب الاخر من المشهد الدموي فقد امعن الاحتلال الاسرائيلي في غيه بحق المقدسات واهالي القدس والضفة الغربية ليستمر في اقتحام المسجد الاقصى بوتيرة اعلى وضمن خطة معدة سلفا لتهويد الاماكن المقدسة وتقسيمها زمانيا ومكانيا وارتكب المزيد من المجازر في جنين وطولكرم ونابلس واغتال بدم بارد خيرة شبابنا وفرساننا في جرائم يشهد العالم كله ببشاعتها ومشاهد اقتحام المسجد الاقصى تكررت بدل المرة الف حتى ان حكومة الاحتلال هاجمت الاخوة في الجهاد الاسلامي في غزة واغتالت منهم خيرة قادتهم ومنظومة الشنطة القطرية الصاروخية لم تتحرك ساكنة وكأنها معنية في الخلاص من حركة الجهاد الاسلامي فتركت امرها للاحتلال ليقوم بالمهمة وهي تتفرج وكأن الحرب على الجهاد الاسلامي هي حرب في كوكب اخر لا تعني قادة منظومة الشنطة القطرية في شيء.
في غضون ذلك كان الاحتلال الاسرائيلي يستهدف يوميا المناضلين من ابناء شعبنا وخصوصا الاخوة في الاجهزة الامنية لتغتال الشهداء تيسير العيسة وادهم عليوي وداود الزبيدي واحمد علاونة واحمد عابد ورمزي زيارة وعشرات من ابناء الاجهزة الامنية الذين شاركوا بالدفاع عن ابناء ومستقبل شعبنا امام هذه الهجمة الاحتلالية الشرسة.
وفي زاوية اخرى من هذا المشهد كانت القيادة الفلسطينية وعلى رأسها سيادة الرئيس محمود عباس ابو مازن تواصل الليل بالنهار عبر التواصل مع كل الفاعلين في المجتمع الدولي والاخوة العرب وخصوصا في الاردن ومصر لتوفير الحماية الدولية لشعبنا ولجم هذا العدوان الصهيوني البربري الذي يندى له جبين الانسانية وهنا ولأول مرة منذ خمس سنوات مضت تتحرك الادارة الامريكية عبر وزير خارجيتها السيد انتوني بلينكن من اجل الضغط على حكومة نتنياهو -بن غفير لوقف التصعيد الاسرائيلي ولجمه نحو تهيئة المناخ السياسي لعودة الطرفين الاسرائيلي والفلسطيني لطاولة المفاوضات في محاولة للتوصل لمحطة انهاء هذا الصراع وفقا لقرارات الشرعية الدولية .
حكومة الاحتلال الحالية التي قوامها المتطرفين وغلاة المستوطنين تسعى لتأجيج الموقف وتصعيد عدوانها قبيل شهر رمضان غير مكترثة بالضغوط الدولية والعربية عليها التي وصلت حد عدم توجيه ادارة بايدن دعوة لنتنياهو الذي استطاع تشكيل حكومته المتطرفة رغم الازمة الصعبة التي تعتري المشهد السياسي الاسرائيلي وهذا وزير خارجية بريطانيا جيمس كليفري الغى زيارة له لكيان الاحتلال بعد مجزرة نابلس قبل ايام واعلن انه لن يتعامل مع الارهابي ايتمار بن غفير والامارات العربية قبل حوالي شهر اعتذرت عن استقبال نتنياهو رغم انها لم تعلن اسباب الاعتذار الا اني استطيع قراءته في سياق التطورات الاخيرة لان البيئة السياسية التي يسعى لتكريسها الاحتلال غير مناسبة لمثل هذا اللقاء مع حكومة نتنياهو ،،واكثر من ذلك ان الاقتصاد الاسرائيلي اصبح مهددا جراء عدم وجود استقرار امني بالاضافة الى اصرار حكومة نتنياهو على التغول على القضاء الاسرائيلي تحت شعار الاصلاحات ،،يتزامن كل هذا مع تطورات مهمة في موقف الجمعية العامة للامم المتحدة التي احالت القضية الفلسطينية لمحكمة العدل العليا للحصول على رأي استشاري حول الاثار المترتبة على استمرار الاحتلال في الضفة الغربية والقدس بالاضافة للبيان الذي صدر عن مجلس الامن الدولي بالاجماع والذي ادان فيه جرائم الاحتلال الاسرائيلي وخصوصا الاستيطان بحق الشعب الفلسطيني.
كلها احداث متسارعة واللافت للنظر هو الاهتمام البالغ للاخوة في الاردن ومصر الذين يلعبون دورا مهما في لجم العدوان الاسرائيلي من خلال التأثير في توجهات حكومة نتنياهو ،،هذا الدور العربي الذي نراه يلبي مصلحة فلسطينية كبرى فلطالما كنا نطالب بدور عربي في الاشراف على اي مفاوضات مستقبلية مع الاسرائيليين الى جانب الدور الامريكي الذي يثبت دائما انه منحاز للاحتلال فوجود الدور العربي هنا في اعتقادي سيكون له دور في السيطرة على الانحياز الامريكي تجاه الاسرائيليين وهذا ما يريده شعبنا تاريخيا ،،،
الاخوة الاردنيين هم اصحاب الوصاية الهاشمية على الاماكن المقدسة في القدس الشريف والاخوة المصريين هم رواد امتنا وحصنها المنيع ووجودهم في قمة العقبة الطارئة التي اعلن عنها قبل يومين والتي تشارك بها السلطة الوطنية الفلسطينية من خلال وفد رفيع المستوى قوامه قادة مناضلين امضوا زهرة شبابهم في غياهب زنازين الاحتلال وهما امين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الاخ الوزير حسين الشيخ ورئيس المخابرات العامة الفلسطينية الاخ اللواء ماجد فرج ومعهم المستشار الوفي للرئيس العنيد ابو مازن الاخ مجدي الخالدي ،،شخصيات فلسطينية لها تاريخها النضالي الذي لا يستطيع احد التنكر له سيكونوا الى جانب الاشقاء الاردنيين والمصريين في العقبة في مواجهة الاسرائيليين ندا لند يحملون معهم رسالة شعبهم التواق للحرية والاستقلال من براثن الاحتلال والامريكان سيكونوا موجودين لكن هذه المرة لن يعزفوا منفردين فهذا الامر قد ولى زمانه ولا مناص لهم الا بارضاء مصر والاردن جناحي القضية الفلسطينية ،،نحن في العقبة لن نكون وحدنا ولكن الاسرائيليين هم الذين سيكونوا وحدهم ومهما استكبروا بوجود امريكا فلن يستطيعوا تجاوز مصر والاردن لذلك ارى في هذا الاجتماع في العقبة انه اجتماع الانداد..
لقد تابعت حملة التخوين المسبقة التي قادها الاعلام الاصفر الذي يتسيده اعلام حماس والاخوان المسلمين والذي انحدر لمستوى تأليف الروايات الكاذبة التي مفادها ان اتفاق فلسطيني اسرائيلي حصل برعاية امريكية لتدريب الاف العناصر لقمع النضال الفلسطيني ولا ادري من اين يحصلون على هذه الخزعبلات التي لا تنطلي على عاقل ،،
ان مجرد الاساءة للوفد الفلسطيني وتهويته هو ايضا اساءة للاشقاء الاردنيين والمصريين الذين يواصلون الليل بالنهار لحماية شعبنا ومقدساته في القدس وحقن دماء شبابنا وفرساننا امام الة القتل الاسرائيلية والوصول لاي ترتيب سياسي ولو كان مؤقتا بحضور مصري اردني امريكي يضمن وقف العدوان على المقدسات واراقة دماء شبابنا واطفالنا ووقف لسرطان الاستيطان هو مكسب فلسطيني وعربي ،،صحيح اننا ابدعنا في صمودنا وتحدينا للاحتلال ولن نرفع الراية البيضاء لكن ايضا لا بد من السعي لتحقيق مكاسب سياسية تصب في مصلحة حماية حل الدولتين من التدمير الاسرائيلي بعد كل هذه الدماء الطاهرة التي بذلناها لحماية مستقبل شعبنا وتاريخه على ارضه التاريخية ..
في هذه القمة بالذات سيكون الوفد الفلسطيني يمتلك اوراق قوة عظيمة فوجود الاخوة الاردنيين والمصريين على جانبه بالاضافة للتسلح بارادة شعبنا الذي يبذل يوميا الغالي والنفيس من اجل فلسطين ومستقبلها من خلال نضالنا الوطني بكل اشكاله في الميدان .
وفي قمة العقبة قد ننجح كفلسطينيين وعرب في حماية مسجدنا وكنيستنا وفي حقن دماءنا الغالية التي نبذلها يوميا في مواجهة الة الاجرام الاسرائيلية وقد تفشل امام التعنت والاستكبار الاسرائيلي لكن ما هو مطلوب ان نبقى دائما شعبا واحدا موحدا كصخرة الصوان التي تتحطم عليها كل مشاريع الاحتلال التوسعية ولنصل لذلك لا بد من عدم الانسياق خلف الاعلام الاصفر الذي يسعى لزرع الفتنة بين ابناء الشعب الواحد من خلال المتاجرة بالشعارات والمزايدات الجوفاء التي ستضعف موقفنا وستقدمنا جميعا للاحتلال لقمة سائغة على طبق من فضة،،نحن اليوم بين صوت الحكمة والعقل من جهة وبين صوت الشعارات والمزايدات من جهة اخرى فالعقلاء هم الذين يحافظون على المكتسبات وتجار الشعارات لا تهمهم فلسطين لانها بالنسبة لهم كما قال عنها محمود الزهار مجرد نكاشة اسنان ،،