واشنطن بوست … “ماذا بقي لسكان غزة؟”

وكالة وطن 24 الاخبارية : الفلسطينيون في غزة الذين يعانون من آثار الحرب جلّ آمالهم هي العودة إلى منازلهم المدمرة، والنوم ليلة بلا خوف، وإقامة الحداد والحزن.

نشرت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية تقريراً تحدثت فيه عن مشاعر الفلسطينيين في قطاع غزّة بعد وقف إطلاق النار، ما هي آمالهم، ورؤيتهم للمستقبل.

بالنسبة للفلسطينيين الذين يعانون من الخسائر الفادحة التي خلفتها الحرب الإسرائيلية التي استمرت أكثر من خمسة عشر شهراً، جلّ آمالهم ، العودة إلى المنازل التي تحولت إلى أنقاض، والنوم ليلة بلا خوف، والحزن.

ما الذي تبقى لنا؟

أعرب محمد أبو الكاس، مدير التسويق البالغ من العمر 32 عاماً والذي يعيش الآن في منزل متضرر بشدة في مدينة النصيرات بوسط غزة، عن مشاعر مختلطة حول مشاهدة الناس يحتفلون عندما تم الإعلان عن نبأ الاتفاق مساء الأربعاء. وقال إنّ “سعادتهم تحطّم قلبي، لأن ما الذي تبقى لنا؟”.

حرب لا هوادة فيها تقول السلطات الصحية الفلسطينية إنها قتلت ما لا يقل عن 46600 شخص.و تم تدمير مساحات شاسعة من غزة، ومحو أحياء بأكملها من الوجود. وكان القصف مصحوباً بانتشار الأمراض، كما دفع الجيب الذي تبلغ مساحته 140 ميلاً مربعاً إلى حافة المجاعة.

مثل أبو الكاس، فإنّ أكثر من 90% من الناجين نزحوا من منازلهم، وكثير منهم عدة مرات، وفقاً للأمم المتحدة.

يقتلوننا حتى اللحظة الأخيرة

لا يزال أبو الكاس يرتدي نفس البنطال، الممزق الآن، الذي كان يرتديه عندما بدأت الحرب قبل أكثر من عام. خلال ذلك الوقت، نزح ثلاث مرات. أصيب مع والدته في غارة جوية. في يوم الثلاثاء، قبل يوم من إعلان وقف إطلاق النار، أصاب صاروخ آخر منزلاً مجاوراً له،  أدّت إلى تطاير أجزاء من أجسام ضحايا الغارة، ورأى ساق وأجزاء من الوجه. وقال: “يقتلوننا حتى اللحظة الأخيرة”.

واستمر القصف يوم الخميس حتى بعد الإعلان عن الاتفاق الذي لا يزال بحاجة إلى التصديق عليه من قبل الحكومة الإسرائيلية. وفي الساعات التي تلت ذلك، قُتل ما لا يقل عن 77 شخصاً، بينهم 25 امرأة و21 طفلاً، في غارات إسرائيلية، وفقاً للدفاع المدني . وقال بعض السكان إنهم يخشون أن تشتد الهجمات خلال الساعات الأخيرة قبل دخول الهدنة حيز التنفيذ.

وقال أبو الكاس: “نريد أن تنتهي حتى نتمكن من البكاء والذهاب لوضع خيمة فوق أنقاض منزلنا”.

مكان بعيد أبكي فيه

لم تكن رجاء حمدونة (36 عاماً) تفكّر في العودة إلى المنزل. كانت تنوي البحث عن رفات زوجها المتوفي وابنيها اللذين يبلغان من العمر 12 و14 عاماً. وقالت حمدونة إنهم كانوا يحتمون بخيمة في جنوب غزة في حزيران/يونيو عندما أصيبوا بنيران دبابة إسرائيلية. وأضافت أنّ الدبابة تقدمت إلى حيث كانوا يرقدون فسحقت زوجها وابنيها. وقالت حمدونة إنّ ابنتها البالغة من العمر 4 سنوات نجت، فقط لأنها غرقت في تربة طرية تحت عجلات الدبابة.

وقالت: “أريد أن أجد أي شيء يتعلق بهم. أريد أن أشم رائحة التربة التي غمرتها دماؤهم، ثم أبحث عن مكان بعيد أبكي فيه”.

وقال محمد الجمل، الذي يعيش في خيمة مساحتها 22 متراً مربعاً مع 10 أفراد من أسرته في منطقة المواصي بجنوب غزة، إنه يخطط أيضاً للعودة إلى منزله في مدينة رفح . ولا يعرف ما إذا كان المنزل لا يزال قائماً، قائلاً: “حتى لو دُمر المكان، أريد العودة للعيش بين أنقاضه”.

كابوس من الموت والخوف

في الوقت الحالي، تعيش أسرته في ملجأ ضئيل من الرياح والمطر، ويفصله عن جيرانه قماش مهترئ. وقال إنّ المواصي، التي صنفتها “إسرائيل” كمنطقة إنسانية، لم تجلب له الأمان من القصف، وهي غير صالحة للعيش على الإطلاق. وأضاف: “لقد ضربتنا الرياح والأمطار. لقد أكلتنا الأمراض من دون أن نتناول حتى حبة دواء واحدة”، واصفاً الحرب بأنها “كابوس من الموت والخوف يطاردنا على مدار الساعة”.

فرصة جديدة في الحياة

ولكن البعض في غزة لا يثقون في قدرة الهدنة على الصمود، أو يعربون عن تشككهم في إمكانية سريانها على الإطلاق. وقال خالد وليد (31 عاماً)، وهو أب لطفلين يعيش في بقايا منزله المدمر في وسط دير البلح، إنه يفكر في مغادرة غزة بالكامل إذا ما فُتح المعبر مع مصر خلال الهدنة. وأضاف: “أريد أن أمنح أسرتي فرصة جديدة في الحياة. لقد فقدنا كل ما نملك. أريد أن أبني مستقبلاً لأطفالي خالياً من الموت والقتل”.

المعاناة الحقيقية تبدأ الآن

وقالت عبير ماهر (36 عاماً)، وهي أم لثلاثة أطفال نازحة من مدينة غزة إلى دير البلح: “أشكر الله على وقف إطلاق النار ولكنني لا أشعر بالسعادة، بل إنّ المعاناة الحقيقية تبدأ الآن، حيث بدأنا ندرك ما حدث.. لم يتبقَّ لنا شيء، إلا رفاهية الحداد على أقاربي وأصدقائي”.

لم يتبقَّ لنا شيء، إلا رفاهية الحداد

زر الذهاب إلى الأعلى