جماعت الإخوان وجدت في الحرب على غزة فرصة لمهاجمة الدول العربية

وكالة وطن 24 الاخبارية : منذ اندلاع الحرب في غزة، نشط تنظيم الإخوان بكثافة، ورغم أنه كان من المتوقع أن يشكل عبر دعواته لمظاهرات واحتجاجات ضخمة في الدول الأوروبية ضغطاً لإيقاف الحرب، فإن ما فعله كان العكس، حيث أحجم عن الظهور في الواجهة هناك؛ لتخوف قياداته من تضرر مصالحهم الشخصية وطردهم أو سحب الإقامات والجنسيات منهم في الدول الأوروبية، وفي المقابل أعلنوا النفير العام في بعض الدول العربية، وباتوا يقدمون أنفسهم في واجهة قيادة المظاهرات والاحتجاجات، الأمر الذي كشف ازدواجية التنظيم في التعامل مع حرب غزة، وأنه يراها في الأساس فرصة للعودة إلى الواجهة السياسية في الشرق الأوسط. ارتباطاً بالموقف المشار إليه تسلط هذه الدراسة الضوء على التداعيات المحتملة لحرب غزة على نشاط الإخوان المسلمين في أوروبا، وتحاول تفسير المقاربة التي يتبنونها في التعاطي مع الأحداث الجارية في الأراضي الفلسطينية.

المواقف الأوروبية من الإخوان بعد حرب غزة

رغم أن الإخوان أحجموا عن الظهور في المظاهرات بالدول الأوروبية، فإن الحكومات هناك باتت تتوجس من أخطار التنظيمات الإسلامية وعلى رأسها الإخوان بعد حرب غزة، وهناك العديد من الأسباب التي أثارت المخاوف بهذا الخصوص، منها تنامي مشاعر الاحتقان بين المسلمين واصطفاف الكثير من الدول الأوروبية، مع إسرائيل، فضلاً عن تنامي اليمين المتطرف في العديد من تلك الدول، وتزايد نشاط الإخوان الذين يستغلون كل تلك الأحداث لاستقطاب الأفراد المتطرفين وتجنيديهم خاصة بين المهاجرين، والذين كانوا منتمين أو مؤيدين لتنظيمي داعش والقاعدة في سوريا والعراق.

استناداً إلى تلك المخاوف، كثفت الاستخبارات الأوروبية عامة والألمانية والفرنسية بشكل خاص جهودها في جمع المعلومات عن طبيعة العلاقات المستترة بين الإخوان المسلمين والمنظمات الإسلامية من جانب، والإخوان وباقي التنظيمات المتطرفة مثل تنظيمي داعش والقاعدة؛ للحد من أخطار التنظيم وسد الطريق أمام أي محاولات لتنفيذ عمليات إرهابية في أوروبا.

ومن بين الإجراءات التي تحاول ألمانيا اتخاذها والتي قد تكون الأخطر على الإخوان ونشاطهم، سن قانون يمنع مَن ارتكبوا أفعالاً معادية للسامية من الحصول على الجنسية الألمانية (موقع الحرة، 25 أكتوبر 2023). فتمرير قانون كهذا سيسمح بحظر الكثير من المنظمات والجمعيات الإخوانية بتهمة دعم حماس، وبالتالي معادة السامية، وطرد الكثير من عناصر الإخوان المؤيدين لحماس، أو حرمانهم من الجنسية، وكل هذه الأمور قد تثير مخاوف الجالية المسلمة في ألمانيا وتؤدي إلى نفورها من التنظيم.

وهذه المخاوف ستدفع الإخوان إلى البحث عن أساليب بديلة لضمان تغلغلهم داخل الجالية المسلمة، وذلك عبر تأسيس منظمات وجمعيات جديدة تختلف كلياً عن الشكل القديم للمنظمات الإخوانية وخاصة التي باتت مكشوفة الانتماء بالنسبة للسلطات الألمانية، فيما سيحرص الإخوان على أن ترفع المنظمات الجديدة شعارات تدعو إلى الديمقراطية والسلام والاندماج وغيرها من الشعارات التي تُبعد الشبهات عن أي صلة بينها وبين الإخوان، وذلك بهدف الحفاظ على مصادر تمويلها والقدرة على التغلغل داخل الجاليات المسلمة دون أن يثير ذلك مخاوف تلك الجاليات.

وما قد يدفع الإخوان إلى التحرك بسرعة أكبر لتأسيس تنظيمات وجمعيات بديلة عن التي باتت مكشوفة، هو الجهود التي يقودها حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الأكثر شعبية في ألمانيا، منذ نهاية شهر أغسطس الماضي، بهدف وضع برنامج جديد يتضمن مكافحة الإخوان (DW الألمانية، 16 ديسمبر 2023). وهذا الأمر إن دخل حيز التنفيذ سيشكل ضربة قوية لنشاط وتمويل الإخوان في ألمانيا، خاصة أن البرنامج الجديد للحزب يشمل منع الجمعيات الإسلامية والقومية من أن تكون شريكة في المناقشات أو العقود وتلقي التمويل الحكومي.

ولا شك في أن مثل هذا البرنامج في حال تطبيقه ستكون له تداعيات كبيرة على مصادر تمويل الإخوان ونشاطهم داخل ألمانيا، خاصة أنه يوجد في ألمانيا ما يقارب 960 جمعية ومركزاً إسلامياً، غالبيتها تعمل تحت مظلة الاتحاد التركي الإسلامي (DITIB). إلا أنه وفي ظل التطورات الجديدة التي أحدثتها حرب غزة والتي أثارت مخاوف الحكومات والشعوب الأوروبية، يبدو أن تنظيم الإخوان سيواجه مصيراً مظلماً داخل القارة الأوروبية التي لطالما وفرت حواضنَ للتنظيم وقدمت كافة أوجه الدعم له. حتى وإن أسست جمعيات ومنظمات جديدة، فإن فائدتها ستقتصر على النواحي المادية أكثر من الأيديولوجية، لأنها ستكون محكومة هذه المرة بالحرص على عدم الكشف عن توجهاتها الإخوانية، وبالتالي لن تتمكن من التأثير في الجاليات المسلمة في ألمانيا كما كانت تفعل سابقاً.

وفيما تتشكل ملامح جبهة جديدة ينوي “حزب الحرية النمساوي” فتحها ضد الإسلام السياسي، باتت تتصدر المشهد السياسي والإعلامي في البلاد، وخاصة بعد اجتماع اللجنة الفرعية “للتطرف” في برلمان ولاية النمسا العليا بتاريخ 28 سبتمبر 2023. وقال سكرتير حزب الحرية الشعبوي، مايكل جروبر خلال الاجتماع: “إن الخطر الكبير هو الإسلام السياسي (..) تم مؤخراً إنشاء خلية مكونة من عشرة من المتعاطفين مع داعش في لينز لاند، مما شكل تهديداً حقيقياً؛ لهذا السبب، وبإصرارنا، سيكون الاجتماع القادم للجنة الفرعية للتطرف أيضاً تحت عنوان الإسلام السياسي”.

بالنسبة لأوروبا لا تكمن المشكلة في ازدياد عدد المسلمين وإنما في التطرف والإرهاب والسلوك العنيف الذي يُمارَس نتيجة للتربية الأيديولوجية المتطرفة التي يكرسها تنظيم الإخوان المسلمين والسلفيون في البلاد. تلك الأيديولوجية تمنع المسلمين من الاندماج في المجتمع النمساوي وتعزز الانفصالية الإسلاموية وتؤدي إلى خلق كيان موازٍ داخل الدولة النمساوية، وهذا ما يثير مخاوف الحكومة والأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني في البلاد. لذا توقع مسؤولو أمن أوروبيون تزايد التهديدات بوقوع هجمات ينفذها إسلاميون أصبحوا متشددين بسبب الحرب بين إسرائيل والفلسطينيين، مرجحين أن تمثل “الذئاب المنفردة” الخطر الأكبر.

في المحصلة، قد تواجه الدول الأوروبية بعد حرب غزة خطرين: الأول، هو تصاعد نفوذ الإخوان المسلمين وسيطرتهم على أكبر المراكز الإسلامية؛ والثاني، يتمثل في انتشار جماعات اليمين المتطرف وممارساتها العنصرية ضد الأقليات وبالأخص الجالية المسلمة. لذا ومع تزايد أخطار تيار الإسلام السياسي، تصبح قضية دمج المسلمين في المجتمع الأوروبي من أولويات عمل الحكومة ومنظمات المجتمع المدني لسد أي ثغرات في العلاقات بين الجاليات المسلمة وباقي فئات المجتمع، وصد محاولات الإخوان استقطاب فئات الشباب نحو التطرف باستغلال حرب غزة وممارسات جماعات اليمين المتطرف العنصرية ضد المسلمين.

ويبدو أن إعلان الحكومة الفرنسية في السابع من أكتوبر 2023 دعمها الكامل لإسرائيل، وسط تأكيد إيمانويل ماكرون أن الحرب ضد الإرهاب هي قضية مشتركة، بمثابة دعوة فرنسية صريحة لدول الاتحاد الأوروبي إلى توحيد موقفها حيال حماس والإخوان والتعاون في محاربة الإرهاب (المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، أكتوبر 2023).

 الترويج لـ”الإسلاموفوبيا”

مقابل هذا التشديد من قبل الحكومات الأوروبية على نشاط الإخوان، بات التنظيم يحاول استغلال ذلك لتقديم نفسه كضحية سياسات عنصرية تمارس ضد المسلمين، إذ تُلاحَظ في الفترة الأخيرة زيادة ترويج الإخوان لمصطلح “محاربة الإسلاموفوبيا”، حيث يعقدون تحت هذا العنوان العديد من المؤتمرات ويدعون إليها العديد من العلماء والمفكرين والفنانين والشخصيات البارزة والأسماء المعروفة في الساحة الأوروبية بشكل خاص؛ لجذب الانتباه إلى هذه المؤتمرات ومخرجاتها ومطالبها. ومن خلال تتبع الأوضاع والظروف التي يمر بها التنظيم، يمكن استنتاج عدة أسباب وأهداف وراء تكثيفه عقد مؤتمرات “الإسلاموفوبيا”، ومنها:

– حالة التصدع غير المسبوقة التي يشهدها تنظيم الإخوان لافتقاده أدوات الترويج لأفكاره، عقب الرفض الشعبي له في الشرق الأوسط وظهور الخلاف الداخلي للعلن وتزامن الإجراءات المشددة ضده في عدة دول وخاصة تركيا. وفي الوقت الذي يستعد فيه التنظيم لتغيير إستراتيجيته للتأقلم مع التغيرات، يصطدم بغياب الرؤية الموحدة بين جبهتي “لندن وإسطنبول”، وهو ما يزيد الانقسام ويدفعه إلى البحث عن أساليب جديدة كعقد هذه المؤتمرات واستخدام “الإسلامفوبيا” كسلاح خطابي في لعبته السياسية. فباستخدام هذا المصطلح، يمكنه نشر التصور الخاطئ بأنّهم مسلمون عاديون معرضون لـ”الإسلاموفوبيا” بدلاً من كونهم جزءاً من “أيديولوجية تهدد المجتمع الأوروبي وقوانينه”. والهدف هو خلق شعور بالمظلومية لدى كافة المسلمين في أوروبا، ودفع المسلمين حول العالم إلى التعاطف معهم.

– يحاول التنظيم تلميع صورته أمام الغرب عبر هذه المؤتمرات التي جاءت بالتزامن مع إجراءات غير مسبوقة من أوروبا ضده، حيث وضعت العديد من الدول قيادات وعناصر من التنظيم والكثير من جمعياته وشركاته ومنظماته على القائمة السوداء، وهو ما أدى إلى انكماش أنشطته وأثر في مصادر تمويله. ويبدو أن الإخوان يريدون تبرير التضييق الذي تتعرض له نشاطاتهم في أوروبا “بالإسلاموفوبيا” لا بمخططاتهم وأهدافهم التي باتت مكشوفة للاستخبارات الأوروبية كنشر التطرف والسعي لخلق مجتمعات موازية، ومنع اللاجئين المسلمين من الاندماج في المجتمعات الأوروبية.

استنتاج

من الأضرار التي قد تلحق بشبكة التنظيمات الإسلامية والإخوان بشكل خاص، أنه مع صعود اليمن المتطرف، قد تتجه الأحزاب القومية واليسارية، التي كان بعضها يتقرب سابقاً من الإخوان ويتحالف معهم للحصول على أصوات المسلمين في الانتخابات، لتشكيل تحالفات مع أحزاب اليمين، وهذا يعني أنّ تلك الأحزاب التي كانت تغض النظر عن نشاط الإخوان داخل أوروبا لكسب أصواتهم في الانتخابات، قد تتخلى عنهم مقابل الحصول على أصوات المتطرفين، الأمر الذي سيزيد الضغوط والملاحقات لنشاط الإخوان في البلدان الأوروبية.

ولكن من بين الأمور التي قد تساعد الإخوان في التحايل على البرامج والقوانين الجديدة فيما يخص محاربة الإسلام السياسي، الدعم الذي يحظون به من قبل شخصيات وأحزاب داخل عدد من الحكومات الأوروبية وخاصة الألمانية والبريطانية. ومن بوادر ذلك الجدل الذي أثاره تمويل حكومة برلين، مجلس الأئمة في العاصمة الألمانية، والذي يضم أعضاء مرتبطين بالإخوان، رغم أن هذا المجلس تم تأسيسه لمنع الإخوان والإسلام السياسي من تدريب الأئمة.  

 نشاط الإخوان في الدول العربية

بعد خفوت بريق تنظيمات الإسلام السياسي في العقد الأخير في الكثير من البلدان العربية نتيجة ظهور التنظيمات الإرهابية كداعش والقاعدة وفروعهما التي ارتكبت الكثير من الجرائم، إضافة إلى فشل تنظيم الإخوان في إدارة البلدان التي حكمها كمصر وتونس، جاءت هجمات حماس الأخيرة على المستوطنات الإسرائيلية لتعيد الحركات الإسلامية إلى واجهة الأحداث، ولتفتح الباب أمام التنظيمات الإسلامية وعلى رأسها الإخوان لإعادة الترويج لنفسها.

ومع تصاعد المعارك في غزة، وتوسع المظاهرات الشعبية في الشارع العربي الداعم للفلسطينيين، سارع تنظيم الإخوان إلى استغلال الفرصة لإظهار نفسه في الواجهة مدافعاً رئيسياً عن فلسطين، وذلك عبر نشر عدد من قيادات الإخوان دعوات لما يسمى “النفير العام” والمشاركة في “طوفان الأقصى” والهدف الأساسي تحريض الشعوب العربية ضد حكوماتها وتشويه صورة الحكام، ومحاولة استقطاب الشباب. وبهدف العودة بقوة إلى الواجهة سارع الإخوان بكافة جبهاتهم وتياراتهم إلى إصدار بيانات كان القاسم المشترك بينها دعوة العالم العربي والإسلامي لدعم حركة حماس، والهدف أن يُظهر الإخوان أنفسهم أنهم يقودون الحراك والتظاهرات التي يشهدها الشارع الداعم للقضية الفلسطينية.

وتمكن ملاحظة ذلك في بيانات كل من جبهتي “لندن وإسطنبول”، حيث جاء في البيان الصادر عن جبهة لندن باسم صلاح عبد الحق القائم بأعمال المرشد العام للإخوان المسلمون: “ردود الفعل الشعبية في العالم الإسلامي اليوم، هي رسالة بأن المقاومة الفلسطينية باتت تمثل ضمير العالم الإسلامي..، ولذلك فإننا ندعو المسلمين في كل بقاع الأرض أن يهبُّوا بالتظاهر والتفاعل الشعبي لدعم الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة”. لتعقبها جبهة إسطنبول ببيان صدر باسم محمود حسين بتاريخ 7 أكتوبر، جاء فيه: “معركة طوفان الأقصى ليست معركة أهل فلسطين وحدهم، ولكنها معركة الأمة كلها..، يجب على كافة الشعوب العربية والإسلامية أن تهب نجدةً للأقصى”.

وبجانب محاولات جبهات التنظيم تقديم نفسها وكأنها تقود الشارع العربي الداعم للفلسطينيين، حاولت كافة أفرع الإخوان في البلدان العربية ركوب موجة التظاهرات والاحتجاجات واستغلالها للظهور في واجهة المشهد السياسي، وذلك باتباع أسلوبين، الأول الدعوة والمشاركة في التظاهرات وإصدار البيانات باسم المتظاهرين، والثاني استغلال المشاعر العربية الغاضبة تجاه إسرائيل لمهاجمة الحكومات العربية المناهضة للإخوان.

اقرأ/ي ايضا : بالتفاصيل : قطع الطريق أمام الإخوان في بلجيكا للمتاجرة بقضية فلسطين

ورغم حدوث تراجع واضح في الحراك التنظيمي للإخوان خلال الفترة الأخيرة بفعل تغير اتجاهات السياسة الخارجية في المنطقة، فإنه كان مُلاحَظاً استغلالهم مساحة التحرك التي سُمح بها في الخارج، تحت وطأة التأثر النفسي للحكومات والشعوب بأحداث غزة المأساوية، عن طريق تنظيم فعاليات ومؤتمرات وندوات وتجمعات، يدعون من خلالها إلى الجهاد بالنفس والمال والكلمة، حيث يؤكد المشاركون في تلك الفعاليات على “الجهاد”، مما قد ينتج عنه ارتفاع نسبة التجنيد ضمن صفوف الجماعات الجهادية بفعل شحن المشاعر، خاصة في ظل تكرار عرض المشاهد الإنسانية المأساوية في غزة، كما أنه من المحتمل أن تؤدي الاستجابة إلى دعوة الجهاد بالمال إلى تزايد حصيلة التبرعات التي ستصب في خزائن الإخوان.

وإلى جانب النشاط التنظيمي للإخوان، يبث إعلام الجماعة من خلال قنواته ومنصاته على مدار الساعة، بشكل حصري مادة إعلامية تمجد “بطولات حماس” ممزوجة بالترويج لأدبيات الإخوان. من الواضح أن عملية “طوفان الأقصى” كانت متنفَّساً بالنسبة للإخوان وأعادتهم إلى الواجهة من بوابة فلسطين، حيث أفسحت المجال أمامهم للعب على وتري القومية والدين معاً هذه المرة للعودة إلى المشهد السياسي في العديد من البلدان العربية.

بات واضحاً أن الإخوان وجدوا في أحداث غزة فرصة لمهاجمة الدول العربية، مقابل محاولة تقديم أنفسهم على أنهم أكثر وطنية. أما الهدف الأساسي من دعوات قيادات الإخوان للشعب والشباب العربي للنفير فليس دعماً لفلسطين في مواجهة إسرائيل، بل محاولة لاستغلال هذا الحدث، لتحريض الشعوب ضد حكوماتها، وخاصة في الدول المجاورة لإسرائيل كمصر والأردن وسوريا ولبنان، وهو ما ينذر بمزيد من الانقسامات الاجتماعية في المنطقة، مما قد يتسبب في مزيد من الإحباط والعدوانية لدى الشباب، ومزيد من التطرف والإرهاب في المنطقة.

 خاتمة:

وسط الخسائر والنكسات المتتالية التي تعرض لها الإخوان في معظم الدول العربية، وفقدانهم السطلة والكثير من القاعدة الشعبية في العديد من البلدان العربية، ووسط الانقسامات الداخلية لتنظيم الإخوان التي أفقدته الكثير من تأثيره، جاءت عملية “طوفان الأقصى” التي أطلقتها حماس الإخوانية كفرصة جديدة للتنظيم لاستغلالها للصعود إلى المشهد السياسي والاجتماعي في الوطن العربي، مستغلاً تناميَ المشاعر المتعاطفة مع أهالي غزة والفلسطينيين، ليظهر الإخوان في واجهة العديد من المظاهرات والحراك الشعبي الذي تشهده دول المنطقة.

ورغم تقارير الاستخبارات الأوروبية بشأن تنظيمات الإسلام السياسي، وأنها باتت أكثر خطورة من التنظيمات الجهادية السلفية لأن عملها يعتمد على التخفي والسرية واتخاذ المساجد والمراكز الإسلامية واجهة، فإنه لا يزال هناك بعض القصور بشأن كيفية تنفيذ قرارات إدراج الأفراد والكيانات والتنظيمات الإرهابية على قوائم الإرهاب في أوروبا. ويبدو أن ما يدفع دول أوروبا إلى التأني والحذر بشأن حظر أو تصنيف أو إدراج التنظيم على قوائم الإرهاب، هو الخوف من استهداف مصالحها حول العالم لاسيما في الشرق الأوسط، وكذلك الخوف من تنفيذ هجمات إرهابية على أراضيها، كما أن لبعض السياسيين مصالحَ في التقرب من الإسلام السياسي لكسب الأصوات المسلمة في الانتخابات؛ لأن الإخوان يضعون أنفسهم ممثلين للجاليات المسلمة في المراكز والجمعيات.

 

زر الذهاب إلى الأعلى