كارثة الطوفان من البداية للنهاية 

( بداية أعتذر على طول المقالة لكن السرد المتتالي للأحداث يبرر ذلك )

_ ‏بدأ الطوفان مع خطاب لقائد اركان حماس محمد الضيف وضع فيه الاهداف العامة له منذ اللحظات الأولى ..
_ كان الحديث عن تحرير فلسطين والأقصى وتبييض السجون ، قال حرفيا : انتهى الزمن الذي تقصف فيه بغداد ودمشق ولبنان ، تلاه بساعة او ساعتين المرحوم اسماعيل هنيه في تفصيل الأهداف ، حين قال : أن الهدف هو تحرير فلسطين وتجسيد الدولة وتحرير كافة الأسرى ..
_دخل حزب الله في اليوم التالي في معركة اسناد تصاعدت حتى استخدم فيها الحزب كل امكاناته ..
_ بعد بدء الاجتياح البري بدأت تتحول الخطابات من التهديد الى التحذير ، ثم إلى الاستجداء ..
_التحذير من مقتل المخطوفين ثم استجداء المجتمع الاسرائيلي بالضغط على حكومته لانقاذ حياة أسراهم ( الوقت ينفذ ، أسراكم في خطر ) ..
_ بالطبع استغلت إسرائيل الحدث على أفضل ما يكون حيث استخدمت أقصى درجات القوة والسحق والابادة والتهجير والطحن والتدمير لمليوني ونصف غزي فضلا” عن إلقاء القبض بالمطلق على ثلاث مليون ونصف في الضفة ناهيك عن ردع أهلنا في ٤٨ لوضعهم في حالة اسبات كامل طيلة المعركة والسحق الذي ستتعرض له غزة ..
_ بدأ الأمر في سياق الحرب النفسيه ، ثم اعتاد المجتمع الاسرائيلي الخطاب واصبح في مجمله وحسب الاستطلاعات لا يأبه حتى بحياة أسراه ، وهنا تحول الناطق باسم القسام من ناطق يسرد عدد الآليات المدمره الى ناطق باسم الأسرى المختطفين في اخر عشر رسائل على الأقل ، يضع تحديثات على عدد القتلى منهم وأيضا تكرار عبارة وجود الأسرى في خطر محدق ..
_ اليوم كل ما يصدر من تسريبات حول اتفاق ربما كان متاحا” أفضل منه قبل أشهر ، فالحديث الآن عن مطلب واحد فقط ، الانسحاب من داخل غزة ، وقبلت حماس أن يكون تدريجيا ، أما الأسرى وقد تحول الأمر من التبييض إلى التعويم فلا شيء واضح ولا آلية معروفة له ..
_ والمشكلة الأبرز هي ان حماس لا تعرف فعليا عدد المعتقلين من داخل القطاع فالأمر منوط برغبة الاحتلال للاعتراف بمن هو معتقل او بحسن نواياه ، لا يملك أحد قائمة حقيقية بالمعتقلين من القطاع أو المفقودين منهم ..
_ لم يبق هدف واحد قابل للتحقق فحتى مسألة الانسحاب ان حدثت تحدث مع فقدان القطاع ل ٣٠% من مساحته على الاقل اقتطعها الاحتلال كمناطق عازلة ..
_ أما المحور الذي بدا متماسكا” وموحدا” وانتهى زمن عربدة الاحتلال على اراضيه حسب خطاب اليوم الأول ، فقد انتهى بطريقة لم يتوقعها أحد ، انتهى على قاعدة الشرق الأوسط الجديد الذي فشلت امريكا والاحتلال بتشكيله عام ٢٠٠٦ ..
_ ربما الاحتلال ذاته تفاجأ بما حققه فلم تعد سوريا الأسد التي اوصى بها السنوار في اخر خطاب علني له ، ولم يعد الحزب على حدودنا الشمالية المحتلة وعزل لما بعد بعد الليطاني ، وايران أصبح خطابها أشبه بخطابات بان كي مون والجامعة العربية ..
_رغم كل ذلك لم ينظر هؤلاء الى النتائج الكارثية لمقامرة السابع من تشرين أكتوبر وسعوا بكل جهد ومال وفير الى جعل الضفة الغربية ساحة مواجهة مسلحة ، بادراك أو عدم ادراك ان افترضنا حسن النوايا ، على اعتبار أن المواجهة المسلحة في هذه الظروف المعقدة أمر محسوم الخسارة ، وتمنح اليمين الاسرائيلي شرعية تنفيذ مشروع الضم خصوصا” ونحن على أعتاب إدارة ترامب الانجيليلة الأشد تطرفا” في تاريخ الادارات الأميركية قاطبة ..
_ قال نتانياهو ذات مرة لطالما اردت اعادة احتلال معبر رفح وتدمير غزة واعادتها للوراء لعقود ، لكنني لم أكن املك الشرعية لذلك ، حتى جاء هجوم ٧ اكتوبر ومنحني شرعية ذلك وأكثر ..
_ وسياقا”على كل ما سبق من حقائق ووقائع ووصف تحليلي مجرد ودقيق أعلاه حق لنا أن نطرح تساؤل المليون ( هل دبرت كارثة ٧ تشرين أكتوبر بليل أم انها تخطيط فلسطيني عبقري ، وان كانت تخطيط فلسطيني حماسي محض فكيف غاب كل هذا التقدير للموقف عمن قرر صناعة هذا الحدث الكارثي الخطير دون دراسة معمقة لنواتجه وتبعاته على موطننا وقضيتنا والاقليم ، وهل إسرائيل واجهزتها الأمنية على الاقل كانت ترصد كل تفاصيل الحدث وغضت الطرف لتحقيق الاهداف العليا التي تمت لحد الآن ؟؟!! ) ..

_ أكرر اعتذاري على طول المقالة ، فلم نريد بهذه المقالة الطعن او التجريم في احد بقدر وضع النقاط على الحروف لنبدأ بتصحيح النهج الفردي الحزبي والانتقال للمسار الوطني الجمعي في اتخاذ القرارات المصيرية لشعبنا وقضيتنا ، والله من وراء القصد ..

زر الذهاب إلى الأعلى