شمال قطاع غزة : كأنه تعرض إلى لزلزال مدمر جعله لا يصلح للحياة

وكالة وطن 24 الاخبارية : مع عودة النازحين الى شمال غزة اذهلهم حجم الدمار الذي طاول تلك المناطق، وتحديداً في جباليا ومخيمها وبيت لاهيا ومشروعها وبيت حانون، وكأن زلزالاً عنيفا ضرب المنطقة وجعلها لا تصلح لحياة البشر.
فغالبية الطُرق مغلقة بسبب ما أحدثه جيش الاحتلال فيها من دمار، حتى أن معظمها غير صالحة للسير على الأقدام، وعلى جوانب الطُرق منازل مدمرة، أو اختفت ملامحها وتحولت إلى أكوام من الحجارة ، ومحال تجارية بات ترميمها أو إصلاحها عبئاً على أصحابها بعد أن كانت مصدر رزقهم. المدارس والعيادات الطبية التابعة لوكالة “أونروا” لم تسلم أيضاً من القصف والدمار والحرق.
اقرأ/ي أيضا : واشنطن بوست … “ماذا بقي لسكان غزة؟”
في الطرقات تتناثر جثامين متحللة لشهداء، بعضها لم يتبق منها سوى عظام متناثرة بعدما نهشتها الكلاب ، كما لم تسلم المقابر من جرائم الاحتلال ، ونبش بعض القبور فيها.
بعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، أمس الأول الأحد، تدفقت أفواج من المواطنين على مناطق شمالي قطاع غزة لتفقد منازلهم بعد انسحاب جيش الاحتلال من تلك المناطق. فور وصولهم خيّم الألم والقهر على وجوههم نتيجة مشاهدة الدمار القائم، لكنهم رغم ذلك يصرون على البقاء في الشمال، وإعادة إعماره مهما كان حجم الدمار.
انطلق الفلسطيني كريم حمدان مُسرعاً من مخيم الشاطئ غربي مدينة غزة، والذي نزح إليه قسراً قبل أكثر من مائة يوم، متوجهاً إلى مشروع بيت لاهيا شمالي القطاع، ليكتشف حين وصوله أن منزله بات كومة من الحجارة. يقول لـموقع “العربي الجديد”: “حين وصلتُ إلى المكان فوجئت بحجم الدمار الذي حلّ بكل المناطق، بداية من حي الصفطاوي شمال غربي غزة وصولاً إلى بيت لاهيا شمالاً”.
يضيف حمدان: “ليس من السهل فقد المنزل، فقد كان يؤوي عائلتي”.
بدوره يقول المحاضر في جامعة الأزهر بغزة، محمد خليل لـموقع “العربي الجديد”: “كنت آمل أن أجد بيتي كي أعيش فيه، لكن للأسف تلاشى هذا الأمل حينما وصلت إلى أطراف مخيم جباليا، وشاهدت حجم الدمار الهائل”.
يُكمل خليل: “لم نجد شيئاً من المنزل سوى بعض الحجارة، وتوجهت إلى عدد من منازل عائلتي لتفقدها فوجدتها أيضاً أكواماً من الحجارة والركام، ثم توجهت إلى منزل صديقي المقرب، والذي جرى أيضاً تسويته بالأرض.”.
في محيط مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا، كان المشهد قاسياً أيضاً، فجيش الاحتلال دمّر جدران المستشفى، وعاث خراباً في مختلف أبنيته، وقصف عشرات المنازل الواقعة في محيطه. تقول الفلسطينية نبيلة سليم لـموقع “العربي الجديد”، إنها وصلت إلى منزلها في بيت لاهيا سيراً على الأقدام من مخيم الشاطئ غربي مدينة غزة، وإن المشاهد التي طالعتها في الطريق كانت قاسية للغاية، وأصابتها فاجعة بعدما رأت حجم الدمار في المنطقة، وحين وصلت إلى منزلها وجدته عبارة عن أسقف مدمرة متراصة فوق بعضها، ولم يعد يصلح للحياة فيه.
تحكي سليم والدموع تنساب على وجنتيها: “قضيت في هذا البيت أجمل سنوات حياتي مع عائلتي، لكن الاحتلال سوّاه بالأرض. من سيُعيد لنا حياتنا الجميلة ولمّة العائلة. لا أستوعب ما حصل حتى اللحظة. “.
خليل نبيل عاد إلى بلدة بيت لاهيا، لتفقد منزله ، وارتسمت مشاعر الألم والقهر . كان ينظر يميناً ويساراً طيلة سيره في الطرقات المدمرة، ويتساءل بُحرقة “ما كل هذا الدمار؟ كيف سنعيش هنا؟”.
يقول خليل لـموقع “العربي الجديد”: “هذا البيت المدمر كان يمثل الحياة الآمنة، والحضن الدافئ الذي ضمّنا على مدار سنوات، والآن أصبح أكواماً من الحجارة، وضاعت معه كل الذكريات والأحلام التي عشناها فيه. “.