إعادة حماس العلاقة مع نظام الأسد
وكالة وطن 24 الاخبارية : قرّرت حركة الانقلاب في قطاع غزة (حماس) إعادة العلاقة مع نظام بشار الأسد في سورية، كما نقلت وكالة رويترز الأسبوع الماضي عن مسؤولين رفيعين فيها، ادّعيا أنّ القرار الذي صدر بالإجماع جاء بعد وساطات قامت بها إيران وذراعها الإقليمية حزب الله، وشهدت عقد لقاءات مباشرة بين الطرفين برعاية إيرانية، وانخراط تام للحزب أثمرت عن عودة العلاقات بين الجانبين، بما في ذلك استئناف الحركة الإسلامية نشاطها في المناطق السورية الخاضعة لسيطرة النظام، وفتح مكتب لها في دمشق.
من حيث الشكل، لم يفصح مسؤولا “حماس” عن اسميهما، كما لم تعلن الحركة نفسها القرار في بيان رسمي كما جرت العادة، بدا الأمر وكأنّها تخجل من إعلان عودة العلاقات مع الأسد بشكل مباشر وصريح. ولا شك أنّها سعت، بوضوح أيضاً، إلى تهيئة جمهورها الفلسطيني والرأي العام العربي والإسلامي الداعم لها لتقبله، علماً أنّنا لسنا بصدد جسّ نبض أنّ القرار قد اتخذ فعلاً، وإنّما التنقيط أو التدرّج في إعلانه فقط.
في الأسباب والحيثيات؛ تتحدّث القيادة المتنفذة في “حماس” عن أجواء انفتاح ومتغيرات في المنطقة، وعن ترتيب صفوف ما تسميه محور المقاومة في مواجهة الاحتلال والممارسات الإسرائيلية في فلسطين والجوار، كما مسيرة التطبيع العربي الإسرائيلي التي تقودها الولايات المتحدة.
هذا غير دقيق طبعاً، ومجافٍ للواقع، كون مسيرة التطبيع الحمساوي مع النظام السوري كانت قد بدأت منذ وقت طويل، وقبل إطلاق الموجة الأخيرة من التطبيع العربي الإسرائيلي وفق الاتفاقيات الإبراهيمية، وتحديداً مع صعود يحيي السنوار (2017) وتوليه رئاسة المكتب السياسي للحركة في غزة، واستحواذه عملياً على قرار الحركة، في ظل منع رئيس المكتب السياسي (العام)، إسماعيل هنيّة من السفر، وبقائه في غزة، فيما مارس السنوار عملياً مهام هنية بمساعدة تامة من صديقه وحليفه نائب رئيس المكتب السياسي والمسؤول العسكري للحركة، صالح العاروري، والذي قاد الاتصالات مع النظام وحزب الله بدعم كامل من السنوار، وتغطية ورعاية مباشرة طبعاً من إيران.
بدا التواصل مع نظام الأسد نتاجاً مباشراً للتطبيع بين حماس وإيران وذراعها الإقليمية حزب الله، وطرحت إيران عودة العلاقات مع الأسد شرطاً لاستئناف دعمها المالي للحركة، وإعادة الاعتراف بها عضواً في محور المقاومة المزعوم. وكان لافتاً أيضاً تعمّد إيران انتزاع أكبر قدر ممكن من التنازلات من قيادة الحركة المهرولة نحوها وهذا ما حصل فعلاً.
خلال السنوات الخمس الماضية، قدمت قيادة “حماس” ما طلبته إيران وأكثر، وتضمّن ذلك المبالغة في شكرها واعتبارها شريكاً ومكوّناً أساسياً في صمود “حماس” والمقاومة وثباتهما خلال السنوات الماضية، إضافة إلى وصف قاسم سليماني “شهيد القدس” وتضخيم الدعم الإيراني للمقاومة في غزة مع مزاعم بتقديم طهران عشرات ملايين الدولارات للحركة، وحتى عن سفر سليماني نفسه إلى غزة للإشراف على بناء الأنفاق، الحديث الذي لا يستقيم مع أي منطق، ناهيك أنّ الأنفاق بمثابة تحديث وإبداع فلسطيني لتجربة فيتنامية بالأصل.
في العموم، جرى تضخيم الدعم لتبرير العلاقة مع إيران، رغم ممارساتها وتباهيها باحتلال أربع عواصم عربية، واستجداء التدخل الأميركي لاحتلال العراق، والروسي لاحتلال سورية من أجل تحقيق أحلامها التوسعية في العالم العربي تحت حراب الغزاة. وبالتالي، الحديث المبالغ فيه عن محور المقاومة لا يهدف سوى إلى تبرير العلاقة مع إيران فقط، كما عودة العلاقات مع نظام بشار الأسد بحجّة أنّه عضو في المحور المزعوم.
في العموم، لن تستفيد “حماس” شيئاً من العلاقة مع نظام الأسد التي ستؤدي فقط إلى مزيد من الاستقطاب، وحتى الانقسام داخلها، في ظل رفض قطاع واسع لها في الداخل والخارج أيضاً، حيث لا إجماع على العلاقة، كما زعم المسؤولان لوكالة رويترز، هذا عوضاً عن فقدانها قداستها وطهارتها أمام قاعدتها الواسعة في الرأي العام العربي والإسلامي.