النصر الذي تسعى له حماس والواقع الذي يعيشه الشعب
الكاتب : ابراهيم ابراش
في خضم تداخل الديني بالسياسي وحجم الكذب والتكتم فيما يتعلق بحرب الابادة والتطهير العرقي التي يتعرض لها شعبنا وما يصاحبها من حرب نفسية، وبإستثناء حقيقة الموت والدمار والمجاعة في قطاع غزة،أغتمت الحقيقة عند غالبية الشعب ولم يعد يعرف من يصدق :الواقع أم خطاب قادة حماس
قبل طوفانهم كانت حماس تتهم منظمة التحرير بالتفريط والخيانة وتتنطع للحلول محلها لقيادة الشعب في معركة التحرير تحت راية لا الله إلا الله وفلسطين من البحر إلى النهر،وتتوعد العدو إن تجرأ على التقدم مترا واحدا تجاه غزة المحررة كما يقولون.
مع ماكينة إعلامية اخوانية جبارة تلاعبت من خلالها بعقول جماهير كارهة للعدو وتسيطر على الكثيرين ثقافة دينية شعبية وساذجة، تمكنت حركة حماس من إقناع الناس أن المقاومة هي حماس وأن الإسلام هو حماس ومن يعارضها إما خائن أو كافر.
ولكن…
عندما تفشل حركة حماس في منع العدو من الاجتياح البري لقطاع غزة وإعادة احتلاله وتفشل في وقف المجازر اليومية التي أدت لوفاة وفقدان وجرح حوالي مائتين وخمسين ألف مواطن حسب تقارير لجهات أجنبية محايدة،وعندما تتحول نساء فلسطين الماجدات لمتسولات ويبكي الرجال قهرا لعدم قدرتهم على حماية اطفالهم من الموت والجوع والمرض،وعندما تنهش الكلاب جثث الشهداء وحفظة القرآن والمتوظئة أيديهم وتتعفن جثثهم في الطرقات، وعندما تعجر حماس عن توفير الغذاء والماء والدواء للمدنيين ويستولي عناصرها على المساعدات ويتاجرون بها أو يسكتون عن اللصوص،وعندما يتم تدمير غالبية الأنفاق وقواعد الصواريخ وقتل غالبية قادتها العسكريين وآخرهم رئيس مكتبها السياسي يحيى السنوار، وعندما يدير العالم ظهره لحرب الإبادة والتطهير العرقي والتهجير القسري كما يجري شمال القطاع، ويقول قادة الاحتلال إن جبهة غزة أصبحت ثانوية،وعندما تصبح جبهة إسناد غزة بحاجة لاسناد ويستمر غياب أي تحرك عربي لا رسمي ولا شعبي للمشاركة في المعركة وتفشل كل دعوات حماس للجماهير العربية والإسلامية للنفير والخروج إلى الشارع.
فهل نصدق هذه الوقائع أم نصدق مزاعم قادة حماس في الخارج الذين يتحدثون من أماكن اقامتهم المرفهة في الخارج عن الانتصارات التكتيكية والاستراتيجيةويهونون من الخسائر التي تلحق بالبشر والبنية التحتية بغزة وكل القضية الوطنية، وكل هؤلاء (القادة) لم يخوضوا حربا أو معركة مع العدو ولم ينتخبهم الشعب ليتحدثوا باسمه ؟ فلماذا تستمر حركة حماس ومعها بعض مقاتلي الفصائل في الحرب وحتى إطلاق صواريخ عبثية؟ قد يقول قائل هل تريد من حماس أن تستسلم وترفع الراية البيضاء؟
نقول نعم لأي وقف للنار الآن وبأي شروط ،أن تخرج حماس من المشهد ويتم تجريد القطاع من السلاح مقابل وقف شامل لحرب الأبادة على غزة وانسحاب جيش الاحتلال إلى حدود ٧ أكتوبر ٢٠٢٣، أفضل وفيه مصلحة للوطن من الاستمرار بحرب تحقق أهداف العدو في استكمال مخططه لتصفية القضية الوطنية.
خروج حماس من المشهد كجماعة مسلحة لا يعني نهاية مقاومة الاحتلال، فهذه الأخيرة كانت قبل وجود حماس وستستمر ما بعدها،ونهاية حماس كجماعة أو حركة إسلامية لن يؤثر على الإسلام المتجذر في قلوب الفلسطينيين منذ حوالي ١٥٠٠ سنة.
عندما تغيب أي إمكانية للانتصار على العدو نتيجة الفرق الهائل في موازين القوى أو لخلل في التقدير يصبح إنقاذ ما يمكن انقاذه مصلحة وطنية،فالشعب والوطن أهم من الأحزاب مهما رفعت من شعارات؟
وهذا لا يتعارض مع حقيقة اسرائيل الإرهابية العنصرية وضرورة التصدي لمشروعها العدواني،بل الإعداد الجيد للمعركة المصيرية معه عندما يتهيأ كل الشعب لذلك بالإضافة الى توفر الشروط الإقليمية والدولية،وسيكون أهم عنصر في معركة التحرير القادمة لا محالة هو وحدة الشعب وثباته على أرضه.