تحولات سياسية واقتصادية قد تغير موقف قطر من حماس

وكالة وطن 24 الإخبارية : لا شك أن تصريحات قيادات حماس التي باركت فيها عملية داعش الأخيرة داخل الأراضي المحتلة قد وضعت قطر في حرج كبير، خاصة وأنها تتمتع الآن بوضع خاص أمام الإدارة الأميركية الجديدة التي صنفتها حليفاً رئيساً خارج حلف الناتو.

إن الإشادة بداعش والدعوة إلى المزيد من الهجمات ضد الاحتلال هو سقطة كبيرة لم تراع فيها حماس وضع قطر الجديد في ميزان العلاقات الدولية، على اعتبارها الداعم الوحيد الذي يحول دون زوالها.

وفي الوقت الذي تعلن فيه قطر عن افتتاح ورشة لتركيب الأطراف الصناعية الإلكترونية في غزة، لتدعم من خلالها العشرات من الجرحى متضرري الحرب، والذي لم يكن ليتحقق لولا متانة علاقات قطر مع الاحتلال التي تسمح لها بلعب دور في غزة، تخرج حماس بتصريح يعتبر عملية داعش في مدينة الخضيرة في شمال إسرائيل بـ”العملية النوعية”، واصفة إياها أنها تأتي كردّ طبيعي على قمّة النقب التي جمعت وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن مع وزراء خارجية إسرائيل والمغرب ومصر والبحرين والإمارات العربية المتحدة.

كيف لقطر الآن أن تبرر دعمها لبقاء حماس، في وقت تشيد فيه هذه الأخيرة ببسالة وإقدام منفذَي هذه العملية البطولية ثأراً لدماء الشهداء؟ وكيف سيكون بالإمكان الحفاظ على قنوات التواصل القطرية مع دولة الاحتلال والاستجابة لمطالبها وتدخلاتها في قطاع غزة في الوقت الذي تعلن فيه حماس إعلاناً صريحاً أنها لا تمانع أن تكون غزة مسرحاً لتسلل عناصر من داعش إلى إسرائيل؟

هذا يعني أن الاحتلال سيعيد النظر في علاقة قطر بحماس ووساطتها من أجل دعم جهود الإعمار.

لقد أصبحت قطر الآن أكثر حذراً مما سبق في دعمها لحماس، فهي لا تريد أن يتحول الدعم الإنساني للقطاع إلى دليل إدانة بتمويل ورعاية الإرهاب، ولهذا تطرق اجتماع رئيس اللجنة القطرية لإعادة إعمار قطاع غزة محمد العمادي مع يحيى السنوار إلى خفض المنحة المخصصة لمسؤولي حكومة حماس في غزة من 10 إلى 3 ملايين دولار، ويأتي قرار قطر بتخفيض المبلغ لأن حماس تخفي عن الدوحة في تقاريرها المالية معلومات تتعلق بمبالغ ومصادر الإيرادات. وقال مصدر قطري إن العمادي وبخ السنوار وطالب بالشفافية الكاملة أمام قطر، لأن حماس لا تفكر في دعم عمليات الإعمار بقدر ما تفكر أن يكون لها جزء من أموال هذا الإعمار لتستمر في دعمها لفصائل الجناح العسكري.

الأساس المنطقي الذي اعتمدت عليه قطر في دعمها لحماس هو أن المجموعات الإسلامية تنتشر وستلعب حتماً دوراً أكبر في المنطقة. ولكن ومع انهيار التيار الإسلامي في المنطقة العربية أصبح هذا الدعم لا يجلب شيئاً، خاصة وأن التحولات والتحالفات الجديدة في المنطقة تقتضي إعادة الحسابات وتوظيف الدعم المالي في ما يحفظ مصالح قطر ووزنها في المنطقة والعالم.

نحن أمام تحولات سياسية واقتصادية كبيرة تجري في المنطقة وتفرض على قطر إعادة حساباتها تماماً، مثلما فعلت تركيا مؤخراً وأعادت ترتيب علاقتها بحماس. لم يعد مستبعداً أن تقوم الدوحة بإعادة قراءة المشهد الفلسطيني، إذ لا حاجة لقطر في الاستمرار بدعم حماس ما دامت هذه الأخيرة لا تحسب لها حساباً في وزن علاقاتها الإقليمية والدولية الجديدة.. لقد صرفت قطر الملايين من الدولارات في علاقة لم تجلب لها إلا المتاعب، ولم تغير من المشهد البائس للقطاع شيئاً، بل كانت مجرد مسكنات لا تعالج العلة.

قد يعجبك ايضا