الهدنة طويلة الامد انتصار لمشروع الاخوان المسلمين وهزيمة كبرى للمشروع الوطني الفلسطيني

وكالة وطن 24 الإخبارية : ما يحري في القاهرة او بالاحرى ما تم انجازه من تفاهمات بين حكام غزة واسرائيل تحت الرعاية المصرية بمعزل عن منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الوحيد والشرعي للشعب الفلسطيني هو بشكل او باخر محاولة خلق بديل عن المنظمة او الغاء دورها الوطني وهذا يعتبر نجاح كبير لحركة حماس الاخوانية التي نشأت او أُنشأت اصلا من اجل هذا الهدف كل ذلك على الرغم من ان المنظمة نجحت و بحرفية وطنية عالية من انتزاع الحق الفلسطيني من بين انياب الصهيونية بعد ان كاد هذا الحق يندمل تحت غبار خيام اللجوء واكياس طحين وكالة الغوث وذلك باستخدام المنظمة منذ نشأتها لكافة الوسائل المسلحة وغير المسلحة بحرب العصابات و الحرب الديبلوماسية بالمقاومة المسلحة او بالمقاومة الشعبية السلمية.

اتفاق اوسلو بين منظمة التحرير وحكومة الكيان وعلى الر غم من كل اجحافته كون الاتفاق كان ممر اجباري للمنظمة بسبب انهيار النظام الرسمي العربي ، الا انه ومع ذلك كان من الممكن له ان يؤدي الى دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة الى ان تدخلت حماس بكل شراسة من خلال ما اسمته العمليات الاستشهادية التي ادت الى انهاء حياة رابين على يد اليمين الصهيوني كون رابين كان الراعي الصهيوني الحصري للاتفاق وذلك بسبب اصرار رابين في حينه على التمسك الشخصي بالاتفاق وانجاحه وهو ما ظهر في ردود فعله على العمليات الحمساوية والتي حصرها في الرد على المتسببين بهذه العمليات حفاظا على الاتفاق دون اللجوء الى العقاب الجماعي لشعبنا كما يفعل اليمين الصهيوني منذ ان تولى الحكم وباغتيال رابين تم اغتيال ارثه وتحديدا اتفاق اوسلو الذي كان نجاح تطبيقه يشكل بداية نهاية المشروع الصهيوني التوسعي.

ما توصلت له حماس في القاهرة قبل ايام تحت عنوان الهدنة طويلة الامد ومحفزات هذه الهدنة سواء اكان المطار او الميناء هي اقل بكثير جدا مما حققه ياسرعرفات قبل ربع قرن بالرغم من كل العراقيل التي تسبب فيها اغتيال رابين سواء اكان مطار ياسر عرفات الدولي في غزة او الميناء البحري الذي وضع حجر اساسه مع الرئيس الفرنسي الراحل شيراك .

طبعا لا احد ينكر على حماس اخوانيتها ومن حقها كفصيل فلسطيني ان تمارس كل الطقوس الاخوانية ولكن ليس من حقها ان تدمر المشروع الوطني الفلسطيني الذي وضع حجره الاساس كل الفصائل الوطنية الفسطينية ومعظم ابناء الشعب الفسطيني الذين بمجموعهم انشأوا منظمة التحريرالتي انتزعت بعد ذلك اعتراف العالم كله بوحدانية تمثيلها للشعب الفلسطيني وحصولها في سنة 2012 على مقعد الاعتراف بفلسطين كدولة مراقب في المنظمة الاممية.

كل ما فعلته حماس منذ اليوم الاول لانقلابها الاسود في مثل هذه الايام سنة 2007 هو تثبيت نفسها كحاكم بامر الله على غزة باعتبارها جغرافيا فلسطينية متواصلة ذات حدود برية وبحرية ومن اجل ذلك لم تأل حماس جهدا في الاستثمار في عواطف الشعب الذي منحها ثقته وانتخبها وذلك ليس ايمانا بها كحزب اخواني بقدر ما هو عقابا لفتح العمود الفقري لمنظمة التحرير التي حملها الشعب وزر كل ما حصل وما تسبب في عدم اعلان الدولة الفلسطينية المستقلة في مايو سنة 1999 كنتيجة طبيعية لاتفاق اوسلو الذي ساهمت حماس كما اليمين الصهيوني في افشاله واغتياله لحظة اغتيال رابين.

حالة التردي السياسي التي نعاني منها الان في فلسطين اسس لها الانقسام الانقلابي الحمساوي الذي تدفع به حماس و بخطى حثيثة نحو الانفصال وذلك بسبب حالة غسيل الدماغ التي نجحت حماس في صنعها لنسبة كبيرة من ابناء شعبنا مستغلة وطنيتهم وعاطفتهم ومستغلة معاناتهم من ظلم الاحتلال وبطشه وفي نفس الوقت قلة حال السلطة المستمرة في الحكم من غير سلطة نظرا للتعقيدات التي تلت اغتيال رابين وعرفات وهو ما مكن حماس في ان تظهر وكانها قشة الغريق التي تعلق بها الشعب الفلسطيني ومنحها ثقته في انتخابات 2006 بالرغم من ادعاءتها الباطلة برفضها للانتخابات االاولى في 1996 على اعتبار انها استحقاق اوسلوي بينما شاركت بكل ثقلها في انتخابات 2006 على الرغم من انها هي ايضا استحقاق اوسلوي والسبب هو الفرصة التي وفرها شارون لحماس بانسحابه من غزة قبل الانتخابات بسنة وتقديمها هدية لحماس لاقامة امارتها الاخوانية بينما هي في الواقع الشاروني كانت الفخ الذي تخلص به ظاهريا من مليون ونصف فلسطيني تحت الاحتلال المباشر من اجل تغيير معادلة الاغلبية السكانية لصالح اليهود على ارض فلسطين التاريخية.

المخطط الشاروني هذا كان توظيف لهدف استراتيجي صهيوني وهو عزل غزة عن باقي الجسد الفلسطيني بواسطة حماس وانقلابها التي مهدت له اسرائيل بدليل انسحابها من طرف واحد دون اي اتفاق مع السلطة تفاديا لاي التزام يجبر اسرائيل لاحقا على التدخل باعادة احتلال غزة في حال تم خطفها من حماس كما فعل في اعادة احتلال الضفة من اجل ضمها لاحقا كما نراه يحصل في ايامنا هذه تحت ادارة الفاشي سموتريتش.

كل ذلك يفسرسبب دخول حماس في الانتخابات الثانية مع انها استحقاق اوسلوي كما سابقتها كما اسلفت ولكن هذه المرة كانت الانتخابات مضمونة لصالح حماس لتسهيل مهمتها بقطف الثمرة الوحيدة الممكن قطفها من اتفاق اوسلو وهي خطف غزة التي تحررت قبل الانقلاب الحمساوي من اجل ان تصبح اول كيان سياسي لحزب الاخوان المسلمين في الوطن العربي كهدف حمساوي ولكنها بالنسبة لشارون ستكون دولة الشعب الفلسطيني ونواة ربما لا قدر الله لحروب اهلية بين الفلسطينيين في المستقبل وهو ما يتمناه كل بني صهيون,

وبينما نحن ما زلنا نتحدث عن العاطفة لشعب لم يعاني شعب مثله في التاريخ لا بد لهذا الشعب وخصوصا الجزء منه المحكوم من قبل حماس ان يعيد كل حساباته قبل تقع الفاس في الراس وتصبح غزة كما شاء لها شارون هي كل حصة الشعب الفسطيني من ارثه التاريخي في ارضه وارض اجداده وذلك بان يطالب حماس بل ويجبرها ونحن معه بالتنحي عن حكم غزة واعادة الامور الى ما كانت عليه قبل انقلابها وترك الامر للشعب الفلسطيني ليختار قيادته عبر انتخابات لا مكان فيها لغير الوطنية والقدرة والارادة من اجل اعادة منظمة التحرير ومؤسساتها لسابق عهدها كونها الممثل الشرعي والوحيد لهذا الشعب ولغاية ان تكمل المنظمة مهمتها باقامة الدولة الفسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس .

حركة حماس هي المسؤوول الاخلاقي المباشر عن كل ما تسسبب به انقلابها و سوء ادارتها وحكمها غير الراشد لغزة ولاكثر من خمس عشرة سنة تخللها تدمير للبنية البشرية التحتية بتدمير الاف المنازل وفقر مدقع وبطالة واستشهاد واعاقة الالاف من اهلنا من ابناء غزة الذين قدموا ارواحهم واجسادهم فداء لتحرير كل الارض الفلسطينية ولكن ليس من اجل تحرير غزة التي كانت محررة اصلا قبل انقلاب حماس كما انهم لم يقدموا كل هذه التضحيات من اجل هدنة طويلة الامد والتي باتاكيد لن تكون هدنة استراحة المحارب بدليل ان حماس مهدت لهذه الهدنة بعدم مشاركتها في الحربين الاخيرتين بين الجهاد واسرائيل وانما هي هدنة يتم توظيفها لخدمة مشروع حماس الاخواني الذي لا تساوي فيه فلسطين اكثر من سواك اسنان.

الكاتب: السفير حكمت عجوري

قد يعجبك ايضا