غضب في الشارع الفلسطيني تجاه حماس بسبب صمتها على تصريحات إيران

 

أثارت تصريحات قائد إيراني كبير يُعرف بعلي غلام رشيد في 26 سبتمبر/أيلول، غضب الفلسطينيين، الذين تساءلوا عن طبيعة علاقة حركة حماس بإيران.

إذ صرَّح رشيد أن حركتي حماس والجهاد الإسلامي في فلسطين من ضمن الجيوش الستة التي نظَّمها قاسم سليماني قائد فيلق القدس السابق، قبيل مقتله في غارة أمريكية في يناير/ كانون الأول 2020، بـ3 أشهر، خارج الأراضي الإيرانية بدعمٍ من قيادة الحرس الثوري الإيراني وهيئة الأركان العامة للجيش، للدفاع عن إيران، إذ تتمركز هذه الجيوش والحشود الشعبية في مساحة تصل إلى أكثر من 1500 كيلومتر.

وأكد رشيد أن تلك الجيوش تمثل قوة ردع تابعة لإيران، مقراً بأنها تحمل ميولاً عقائدية، وتعيش خارج إيران، ومهمتها الدفاع عن طهران ضد أي هجوم.

وكانت إيران قد صرحت على لسان مسؤول إيراني خلال التصعيد الأخير على قطاع غزة في مايو/أيار الماضي، بأن طهران تقدم ملايين الدولارات لحركة حماس كل شهر، مؤكداً أن لدى إيران مشاريع في المنطقة يخصص دخلها لتمويل الحركة الفلسطينية، وفور انتهاء التصعيد وجه حينها رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية الشكر لإيران ومرشدها.

ورغم حالة الغضب في أوساط الفلسطينيين من تلك التصريحات التي تحمل إساءة واضحة لوطنية القضية الفلسطينية وحركات التحرر الوطني الإسلامي في فلسطين، إلا إن حماس فضلت الصمت عليها، بينما تداركت الجهاد الموقف، ونفتها في بيانٍ رسمي مقتضب أصدرته بعد عدة أيام من تصريحات رشيد في 29 سبتمبر/أيلول، مؤكدةً أنها لا يربطها مع إيران بأي أهداف خارجية.

من ناحيته، أكد المحلل السياسي إبراهيم أبراش لـ”أخبار الآن” أن التصريحات الإيرانية تحمل استفزازاً لوطنية الشعب الفلسطيني، والتوجه الوطني عند حركتي الجهاد الإسلامي، وحماس، خاصةً وأنهما اعتادتا على القول أنهما حركتا تحرر وطني.

وقال: “التصريحات أظهرت الحركتان وكأنهما جيوش مرتزقة لإيران ما يضع الحركتين في موضع سؤال حول أهداف الحروب السابقة التي شاركوا بها ضد إسرائيل، إن كانت بهدفٍ فلسطيني أو لخدمة مصالح إيرانية”.

وعن صمت حماس أوضح أبراش أن الحركة تظن أن الفلسطينيين يمكن أن يتجاهلوا تلك التصريحات، أو يصمتوا عنها، إلا أنهم في الواقع يتساءلون، لافتاً إلى أن حماس لا تريد اتخاذ مواقف سلبية ضد إيران خوفاً من تفكك محور المقاومة الذي يتحدثون عنه.

ولفت إلى أن اعتماد الجهاد الإسلامي على الدعم الإيراني أكثر من حماس، إذ أن لدى حماس موارد دعم مالية أخرى، خاصةً أنها جزء من حركة الإخوان المسلمين، وتدعمها قطر وتركيا حسب قوله، كما أنها سلطة في غزة وتجبي ضرائب من غزة. وقال: “يبدو أن الجانب الوطني لدى الجهاد الإسلامي أقوى من حماس”.

وبيَّن أن البعد الوطني لدى حماس ضعيف لأنها تقول أنها جزء من جماعة الإخوان المسلمين، إذ تعترف أنها جزء من حركة غير وطنية، ولها بعد إسلامي.

من جانبه وصف الكاتب والمحلل السياسي حسن عصفور لـ”أخبار الآن” التصريح الإيراني بالوقاحة السياسية،  حتى وإن كان هناك علاقة خاصة بينهم، إذ لا يجوز اعتبار حركاتٍ فلسطينية ضمن أدوات النظام الإيراني، وترس من تروس الجيوش الإيرانية، وقال: “التصريح حوّل الوطنية الفلسطينية إلى بعد فارسي”.

وتابع: “كان من المفروض أن يصدر توضيح من السلطات الإيرانية لو كانت تحترم الفصائل الفلسطينية، أو لو أجبرت الفصائل إيران على الاعتذار للشعب الفلسطيني أولاً ثم للفصائل، للأسف هذا لم يحدث”.

ووصف بيان الجهاد الإسلامي بالقاصر إذ كان يجب إجبار إيران على الاعتذار، أو أن تتأخذ حركتا الجهاد وحماس مواقف من إيران، لافتاً إلى أن حماس لديها ناطقين رسميين وتصدر عشرات التصريحات والبيانات اليومية، إلا أنها لم تعقب نهائياً على هذه القضية، ما يجعل موقفها “مُريب”. وتابع: “إن كانت حماس تفضل الصمت بغية تحسين أوراقها في قضايا أخرى، فهذا لا يليق”.

وتساءل كيف يمكن الثقة بحماس أو غيرها من الفصائل الفلسطينية التي تريد أن تنضم لمنظمة التحرير الفلسطينية، وهي متهمة بأنها من أدوات النظام الإيراني في المنطقة.

وأكد أن هذه ليست المرة الأولى التي تصمت بها حماس عن تصريحات إيران بأنها جزء من منظومتها العسكرية، إذ خلال التصعيد الأخير على غزة  ذكرت صحيفة لبنانية محسوبة على حزب الله، بأن إيران وحزب الله كانوا  ضمن غرفة العمليات الفلسطينية المشتركة، إلا أن حماس لم ترد أيضاً، معتبراً ذلك إساءةً لفلسطين ولحركات التحرر الوطني والكينونة الفلسطينية.

وقال: “تكرار صمت حماس يكرس هذه المفاهيم المريبة عنها”.

من جانبه، أكد استاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة مخيمر أبو سعدة  لـ”أخبار الآن” أن الشعب  الفلسطيني لا يريد أي دولة في المنطقة أن توظف القضايا الفلسطينية لمصالح وأجندات خارجية لا تعمل  لصالح الشعب الفلسطيني، موضحاً أن الفصائل الفلسطينية هدفها تحرير فلسطين.

ولفت إلى أن حماس لا تنكر علاقتها بإيران، بل وتشكرها على دعمها الذي تقدمه لها منذ سيطرتها على قطاع غزة، لذا لم تسارع إلى نفي تصريح أنها وجناحها العسكري من ضمن الجيوش الإيرانية، خشيةً من غضب النظام الإيراني.

قال:” أعتقد أن حماس لا تريد أن تزعج النظام الإيراني مثلما حدث في عام 2011 عندما رفضت حماس أن تقف إلى جانب النظام السوري”.

 

قد يعجبك ايضا