الخريف العربي يعصف بالإخوان

تعيش حركة النهضة التونسية صراعات داخلية منذ الإجراءات التي اتخذها الرئيس قيس سعيّد في 25 يوليو(تموز) الماضي، مع تفجر الخلافات واتهامات لراشد الغنوشي بجر الحركة للصدام مع الرئاسة، وخسارة المكاسب التي حققتها في العقد الماضي.

ووفقاً لصحف عربية صادرة اليوم الأحد، طالب التونسيون الرئيس قيس سعيّد بغلق فرع اتحاد العلماء المسلمين الذي وصفوه بـ “وكر الإرهاب”، في حين أكدت دار الإفتاء المصرية من جهتها مرة أخرى، أن كل الجماعات المتطرفة خرجت من رحم الإخوان.

نهاية الغنوشي
قالت مصادر مقربة من النهضة لصحيفة العرب اللندنية، إن الحركة تعرف نقاشات حادة داخل وخارج مؤسسات الحركة، محورها العام نهاية الغنوشي سياسياً ومطالبته بالاستقالة في أقرب وقت، لمنع انهيار الحركة، خاصةً بعد أن حسمت الرئاسة التونسية الأمر قائلةً إنه “لا حوار ولا تواصل مع الغنوشي”.

ورغم التكتم الشديد على الخلافات في السنوات الماضية، إلا أن المصادر “تقول إن الوضعية مناسبة سياسياً ونفسياً داخل الحركة لمحاسبة الغنوشي على سياسته وتفكيك الغموض الذي يحيط بعلاقاته الخارجية، وطريقة تدبير الأموال التي يسير بها دواليب النهضة، والتي تجعله صاحب القرار الأول والوحيد خلال السنوات الماضية”.

ويقول المراقبون إن إقصاء الغنوشي، لا يعني أن المطالبين بإقالة الغنوشي، مستعدون للتخلي عن النهج الإخواني للحركة  “وأن التنازلات التي يمكن أن يقدمها أيّ طرف لا يمكن بأيّ حال أن تقود إلى تغييرات جذرية، فالحركة ستظل حركة إسلامية ذات تشابكات خارجية، كما أن محاولات تونستها ستظل محدودة”.

وكر الإرهاب
ومن جهته عرض موقع “إندبندنت عربية”، إلى مطالبة تونسيين أمام فرع اتحاد العلماء المسلمين الرئيس قيس سعيّد بإغلاق “وكر الإرهاب”، معتبرين أن مثل هذه الجمعيات الإخوانية تهدد المكتسبات ومدنية الدولة التونسية.

وأوضح الموقع، أن رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي، دعت سعيّد إلى اتخاذ قرار رئاسي فوري لإغلاق المقر، مهددة بالتصعيد ومواصلة النضال حتى تقديم ملفات مقر القرضاوي إلى القضاء، وإلى اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب ولجنة التحاليل المالية، وتتبع مسالك تمويله الأجنبية التي تخالف قانون الجمعيات في تونس.

وأشار الموقع إلى أن موسي لم تخف قلقها من”السموم” التي يبثها اتحاد العلماء المسلمين والجمعيات التي يمولها في تونس بأموال أجنبية، والتي قد تنسف ما بنته الدولة المدنية التونسية منذ عهد الراحل الزعيم بورقيبة.

وقالت النائب المستقلة مريم اللغماني، للموقع إنهم “ينادون بغلق المقر الذي يبث سمومه في المجتمع التونسي، والذي جاء بثقافة مخالفة للدستور التونسي، وغريبة على الثقافة التونسية التي ترتكز على مدنية الدولة”.

الإخوان… رحم التطرف
وفي سياق منفصل، أكدت دار الإفتاء المصرية العلاقة الوطيدة بين جماعة الإخوان المسلمين والتنظيمات الإرهابية كافة، التي خرجت جميعها من رحم الإخوان.

ونقلت الشرق الأوسط عن مفتي مصر الدكتور شوقي علام، أن “الإخوان تنظيم متجذر في العنف من أول عهده، وهذا ثابت بالوثائق، فقضية السلمية واللاعنف غير موجودة لدى هذا التنظيم الذي مارس الإرهاب”.

وأشار المفتي إلى الدليل المرجعي لمواجهة ومكافحة التطرف الذي وضعته دار الإفتاء المصرية، لدراسة “الحالة الداعشية فضلاً عن الواقع المصري الذي أعقب حكم الإخوان، مؤكداً أن هناك صلات متشابكة بين التنظيمات المتطرفة مثل تنظيم داعش، وجميع أفكار كتبهم، ما يدل على وجود رابط قوي.

وأوضح أن “تنظيم داعش الإرهابي مثل خطورة كبيرة على الإسلام منذ ظهوره، وهو الأمر الذي جعلنا نستشعر هذا الخطر الذي طال تشويهه صورة الإسلام في العالم، فضلاً عن مناقضة التنظيم الإرهابي لرسالة الإسلام، والقراءة الخاطئة للمسلك النبوي، إلى جانب تنصيب أنفسهم دولةً رغم أنهم ضد نظام الدولة، وفي النهاية قضية الحاكمية والتكفير، وهي أدوات داعش” في إشارة إلى المفردات المحورية التي يقوم عليها تنظيم الإخوان وعمله.

الإخوان والعودة للجحور
وفي موقع “218”الليبي، تساءل الكاتب سالم حميد أين وصلت مخططات جماعة الإخوان المسلمين بعد مضي ما يقارب القرن على التأسيس؟، قائلاً: “مرت الجماعة بمد وجذر، صعود وهبوط، لتكشف أوراقها كاملةً في السنوات الأخيرة وتتعرى أمام الشارع العربي، ولتكتب نهايتها في أكثر من بلد حيث أن كل ما تشدقت به ليس سوى أوهام بغية تحقيق الهدف الوحيد وهو الوصول للسلطة واحتكارها وإقامة دول إخوانية”.

وأضاف “يختلف نفوذ ونشاط الجماعة من بلد إلى آخر، مع العلم أن ولاء الجماعة ليس للأوطان، فهي تؤمن بأنها كيان عابر للجغرافيا، ومن المعروف أن نشاط الجماعة يعتمد على نفوذها وقدرتها على تخطي دولها، وحاولت في بعض الدول أن تنضم لأحزاب سياسية، وفي دول أخرى كوّنت ميليشيات عسكرية أو لجأت للإرهاب والعنف بغية تحقيق غايتها، لكن حالياً وبعد مضي قرن من الزمن فإن وضع الجماعة في الحضيض، وهي تضمحل أو تكاد في كثير من الدول”.

وأوضح الكاتب أن وصول الجماعة إلى السلطة في مصر أدى إلى كشفها أمام الشارع وكشف مخططاها، وكذلك حدث في السودان، حيث تم عزل الرئيس السابق عمر البشير، أما بالنسبة للإخوان الهاربين إلى تركيا فبدأوا المرحلة الثانية من هروبهم، وهذه المرة يبحثون عن بديل لتركيا التي لفظتهم هي الأخرى بعد التقارب بينها وبين مصر.

وأضاف “في تونس أصبحت نهاية الإخوان قريبة لكن بطريقة أخرى، حيث كان لقرار سعيّد دور مهم في مجابهة الإخوان، ومنعهم من العبث بالدولة التونسية”.

وتابع “ربما يكون إخوان ليبيا أكثر خطراً، ورغم تغيير اسمهم فإنهم لا يزالون مصدر قلق للشارع الليبي، ومن المؤكد أن الانتخابات المقبلة ستنهي حلمهم في هذا البلد”، لافتاً إلى أنه في ظل الاستقرار والازدهار في أي بلد نجد الجماعة تنكمش وتعود لجحورها، متنتظرةً الفوضى من جديد لتعود للتمدد والانتشار.

قد يعجبك ايضا