غضب في غزة بعد حادثة غرق سفينة تُقل مهاجرين.. وهاشتاغ “بدنا نعيش” يتصدر مواقع التواصل

 

 فجرت حادثة غرق فلسطيني من قطاع غزة واختفاء آثار ثلاثة آخرين كانوا على متن سفينة للمهاجرين قبالة السواحل اليونانية التركية، الغضب في الشارع الفلسطيني.

ودفعت الحادثة التي وقعت أمس الأول، وجاءت بعد تداول مقاطع استغاثة صوتية، أرسلها أحد الشبان الذين كانوا على متن السفينة لحظة غرقها، إلى إطلاق نداءات تطالب بتوفير العيش الكريم لسكان القطاع، الذين دفعهم الفقر المدقع وارتفاع معدلات البطالة وانعدام فرص الحياة، لمنع تسرب آلاف الشباب المهاجرين، الفّارين للبحث عما يعتقدون أنه الحياة خارج أسوار قطاع غزة، ليصدموا بواقع يبدو أكثر مأساوية.

وأطلق نشطاء، عبر منصات التواصل الاجتماعي، هشتاغات تطالب  بإنهاء الانقسام، وتحميل (حماس) المسؤولية عن وفاة مئات في حوادث سابقة، وتبعث برسائل للمجتمع الدولي من أجل التحرك لإنهاء معاناة مليوني فلسطيني يعيشون داخل قطاع غزة، المحاصر براً وجواً وبحراً.

وتصدّر هاشتاع #بدنا_نعيش، منصات التواصل الاجتماعي، حيث عمد مئات الشباب على نشر تدوينات ومقاطع مصورة، تطالب بالخروج بمسيرات حاشدة في مختلف محافظات قطاع غزة للمطالبة بتوفير العيش الكريم، خلال الأيام القادمة.

وبحسب تصريحات مطلق الهاشتاغ عامر بعلوشة لـ”القدس العربي”، فإن ذلك يأتي في سياق الرد والتفاعل مع حادثة الغرق الأليمة التي وقعت لمجموعة من المواطنين الذين وصفهم بـ”الهاربين” من ضنك العيش في قطاع غزة، والحياة التي يعانيها سكان القطاع منذ عام 2007.

وقال بعلوشة: “إن هذه الحادثة، وما تم تداوله من تسجيلات صوتية لشاب كان يرسل نداء استغاثة لوالدته في غزة، ويخبرها أن سمك البحر قد التهم بعضا من رفاقه، فجر داخل النشطاء ومن بينهم أنا حالة من الغضب تجاه الحالة الإنسانية الصعبة”.

وأكد أن الهاشتاغ الذي كان قد أطلق سابقاً في مارس/ آذار  2019يحمل رسالة واضحة مفادها أن هناك في غزة شعبا بات بحاجة حقيقية لإعادة الاعتبار لمعاناته وحقوقه الأساسية المسلوبة منه على مدار عقد ونصف من الزمن.

وتابع: “بالطبع نحن نقدر الحالة المعقدة التي تعيشها غزة على المستوى السياسي ولكن لا يوجد شيء في العالم  يجب أن يضعنا أمام خيارات الموت كافة، إما داخل قطاع غزة، أو خارجة أو أن نموت بصمت وبالتالي (بدنا نعيش) هي صرخة بدرجة أولى لإيصال رسالة وصوت أهل غزة ووسيلة ضغط على الأحزاب والقادة السياسيين لأن يرضخوا لمربع المصالحة الوطنية واعادة التقييم والاعتبار لحقوق سكان غزة”.

وأشار إلى أن الحملة  التي تنضوي تحت الهاشتاغ لا زالت الآن في مرحلة الحشد والمناصرة الإلكترونية، فيما ستتخذ لاحقاً أشكالا عملية أكثر على الأرض خلال الأيام القادمة.

وأضاف: “لم يتم الإعلان حتى اللحظة عن شكل الاحتجاج الذي سينطلق في قطاع غزة، ولكن ما هو أكيد أن هناك شعبا كامل  يتطلع للخروج إلى الشوارع ليعبر عن رأيه ومطالبه وحقوق المسلوبة”، متمنياً أن يُصغي السياسين وقادة الأحزاب والفصائل لمطالب الشعب ومعاناته.

من جانبه، قال مؤمن الناطور وهو محامي وناشط حقوقي، لـ”القدس العربي” إن  هاتشاغ “#بدنا_نعيش” هو نداء قديم جديد، يعبر عن صوت شعب بأكمله سواء كانوا موظفين حكوميين أو شبابا متعطلين عن العمل، اضطروا مُكرهين للعيش تحت نظام حكم سياسي لا يبالي لهموم ومعاناة الشعب، مشيرا إلى المسيرات التي انطلقت عام 2019، وكانت تطالب بالعيش الكريم، وقوبلت في حينه بالاعتداء  والضرب والاعتقال من قبل الأجهزة الأمنية في غزة.

ولفت إلى أن المطالب في حينه لم تختلف عما هي عليه اليوم، بل ازدادت تعقيداً، بفعل إصرار السياسيين على تراكم خيبات الأمل لدى الشارع الفلسطيني بإصراره عدم إنهاء الانقسام، والامتثال لعودة حكومة شرعية معترف بها دولياً من أجل العمل على رفع الحصار، وعودة الحياة لما كانت عليه قبل تولي حركة حماس مقاليد الحكم بالقوة عام 2007.

وتطرق الناطور إلى مجمل المطالب  التي رفعها  الشبان المتظاهرون في حينه، والتي قال إنها لم تختلف عما هي عليه الآن، ومن بينها العمل على تخفيض قيمة الضرائب التي يتم تحصيلها من المواطنين الذين لا يجدون لقمة العيش، مؤكداً أن قطاع غزة يعتمد بشكل أساسي على المعونات القطرية، متسائلاً أين تذهب الضرائب التي يتم جمعها طالما أن غزة تعتاش على نفقة الممولين.

كما تحدث عن ضرورة إعادة بناء قطاع الصناعات الخاص والحكومي،  من خلال إعادة إعمار المنشأت الصناعية التي دمرها الاحتلال، وكان يعمل بها آلاف العمال والخريجين، فضلاً عن فتح باب التوظيف الحكومي للخريجين بناء على الكفاءة العلمية، وليست معايير التزكية التي يقدمها من أسماهم “أمراء المساجد” التابعين لحركة حماس، التي تفرض سيطرتها على القطاع.

ولمّح إلى أن عدم الانصياع لمطالب الشعب يمكن أن يفاقم الأوضاع في القطاع ويدفعها لشفير الانفجار الحقيقي، معرجاً على حراك بدنا نعيش المتوقع أن يحشد آلاف الفلسطييين المطالبين بالعيش الكريم، محذراً من مغبة التعاطي بالعقلية الأمنية مع المتظاهرين العاقدين العزم على النزول إلى الشارع خلال أيام قادمة.

كما أكد أن حادثة غرق الشبان المهاجرين يجب أن تكون بداية شرارة حقيقية للتغيير، مطالباً الأحزاب السياسية والفصائل على اختلاف ألوانها، بتغليب المصلحة العامة على المصالح الشخصية والحزبية، مشيرا إلى أن استمرار البحث عن “الخلاص الفردي” قد لا يكون هو المخرج الحقيقي للخروج من الأزمة الراهنة.

وتداولت أنباء، أثناء كتابة هذا التقرير، عن العثور على جثمان أحد المفقودين الثلاثة الذين غرقوا في السفينة المذكورة، دون أن تحدد هويته، فيما أعلنت صفحة حراك #بدنا_نعيش أنها تعود للشاب أنس أبو رجليه أحد المفقودين الثلاثة، سبقه إلى ذلك أبو أدهم الفرا، الذي قضى نحبه، وعثر على جثته، الأحد، على أحد الشواطئ التركية.

قد يعجبك ايضا