“الإخوان”… “المسلمون” أم “المجرمون”؟

وكالة وطن 24 الاخبارية 

منير أديب

بقلم – منير أديب

لم يأت وصف ليث شبيلات، أحد قادة التيار الإسلامي في الأردن والمحسوب على “الإخوان المسلمين”، عجيباً أو غريباً أو مدهشاً، عندما وصفهم بـ”الإخوان المجرمين”، واستطرد قائلاً: “نحن الإسلاميون المجرمون، فما أعرفه عن إجرامكم لا يتعدى 5 في المئة فقط مما تعرفة أجهزة الاستخبارات عنكم”، ودعا عليهم بقولة: “الله لا يوفقكم والله لا يوفقني معكم”، فهل حقًا الإخوان مجرمون؟ وفي حق من أجرم التنظيم الذي قارب عمره المئة عام؟، ولماذا لا نصف هذا الوصف بالمدهش؟ رغم دقة الوصف ورجاحة الواصف.

حالة الصدق التي مر بها شبيلات، تدل الى مدة تفسخ التنظيمات الدينية، اذ أضاف أن “سبب انهياراتكم أنكم حافظتم على التنظيم ولم تحافظوا على الدين، يلعن أبو التنظيم ويعيش الدين الذي تمسحتم به”، ثم كان الرجل أكثر صدقاً عندما قال: “بئس الرجل أنا الذي قبلت أن أكون معكم”، ما أتى به ليث شبيلات في ما يخص التنظيم ليس بجديد، فنحن نعرف التنظيم ورجاله أكثر مما يعرف رجاله عن أنفسهم، ما فعله الرجل فقط أنه كشف عورة التنظيم وأزاح اللثام عن الوجه القبيح أمام التنظيم نفسه حتى يرى نفسه في مرآة القدر الذي يريد أن يختبئ منه.

جرائم “الإخوان المسلمين” وفسادها لم تقتصر على التنظيم الذي بات مع الوقت بديلاً من الدين في نظر التنظيم، وبات الدين مجرد شعارات يستخدمونها، جرائم الإسلاميين يُسأل عنها “الإخوان” فهم من علّموا النّاس السحر وسحروا أعين النّاس بشعاراتهم فتمسحوا بالدين لا حباً في الدين ولكن حباً في امتلاك النّاس وامتلاك ما يمتلكونه، فهم لم يروا طريقة لتحقيق ذلك إلا من خلال الدين، وهذا هو الإجرام الحقيقي.

إجرام “الإخوان” في حق النّاس قد يغفره الناس فهم أحرارٌ، أما إجرام “الإخوان” في حق الله والرسول والدين فهو الطامة الكبرى والإجرام الحقيقي، فما دونة من إجرام يمكن أن يصدقة العقل، فمن تآله على الله وأجرم في حق ما أنزل من البينات وغيّر فيها بما يهوى هو المجرم الحقيقي، وبطبيعة الحال سوف يستصغر ما دونة من جرائم في حق النّاس، وهذا ما دفع ليث شبيلات الذي خالطهم وخادنهم ليطلب من الناس عدم تصديقهم عندما قال: “الإخوان لا تربطهم علاقة بالدين”.

الرجل ذهب إلى أبعد من ذلك اذ قال: “لا تصدقوا الإسلاميين”، وهنا يصف “الإخوان” وكل من رفع شعارات دينية بينما أخرج غيره من بوتقة الدين، بأن لا علاقة لهم بالدين أصلاً، وقال: “لا علاقة لنا نحن الإسلاميين بالدين وأنا منهم، كذب الإسلاميون فلا علاقة لهم بما يرفعون من شعارات”.

جماعة “الإخوان” هي من علّمت التنظيمات الدينية التي أتت من بعدها السحر، فعلى وقع الإخوان كانت هذه التنظيمات الفاسدة والمفسدة والتي أخرت الحياة عقوداً طويلة وأولجت في دماء المسلمين وغير المسلمين؛ فأفدح الجرائم وأكثرها قسوة على النفس والنّاس أنهم كانوا نموذجاً لغيرهم من التنظيمات المتطرفة، بل كانوا عنواناً للتطرف، فهم أسباب البلاء والوباء الفكري والعقدي وسبب انتشار الجهالة باسم الدين.

وصف، شبيلات، “الإخوان” بأنهم يتنازعون على الغنائم، فهم يتكاثرون في المواطئ التي لا يرى فيها إلا المنافقون، حيث يعملون لأنفسهم ولمصالحهم وتلتصق بهم لفظة “مصلحجية”، فهم لمصالحهم يعملون أقرب من العمل باسم الدين، وقد يكون الدين مجرد مصلحة للوصول إلى أهدافهم؛ الدين سلاحهم الأول والأخير يطعنون من خلاله النّاس بإدعاء حبه والعمل من أجله، صورة دفعت البعض للكفر بهذا الدين والإلحاد به تأثراً بهم وليس بالدين نفسه.

إجرام “الإخوان” وفسادهم قد يبدو ظاهراً في خلافاتهم الأخيرة والتي اتهموا بعضهم بعضا فيها بالفساد الأخلاقي والمالي والتنظيمي، وهي اتهامات موجودة داخل التنظيم، ولكنها لم تظهر للعلن بالصورة نفسها التي وجدنا التنظيم عليها الآن، فكان يواجه مطلقوها بالتصفية والاغتيال المعنوي، صحيح أنها تدل الى انهيار الفكرة المؤسسة للتنظيم، وأنها مجرد انعكاس لانهيار التنظيم وكذب شعاراته التي كان يصدّرها للنّاس وهو أبعد ما يكون عنها.

من الجرائم التي يمكن رصدها كمثال من تاريخ الإخوان فقط، اغتيال أحمد ماهر، رئيس وزراء مصر في العام 1945 في قاعة البرلمان، ما يُعني أن هؤلاء لا يؤمنون بالحوار ولا يحترمون البرلمان الذي أرتكبت هذه الجريمة فيه، صحيح أنهم اغتالوا رئيس وزراء مصر وممثل السلطة التنفيذية ولكن تم ذلك في البرلمان، مع العلم أنه لم يكن رئيس الوزراء الوحيد الذي تم اغتياله، أعقب ذلك اغتيال المستشار القاضي أحمد الخازندار، عام 1948، وبعده بشهور لقي رئيس الوزراء المصري محمود فهمي النُّقراشي مصرعه عند ديوان وزارة الدَّاخلية على يد “الإخوان”، ليصبح ثاني رئيس وزراء يتم اغتيالة على يد التنظيم.

لم تنتهِ جرائم “الإخوان” عند هذا الحد، ولكنها تعدته الى محاولة اغتيال رئيس الدولة في 24 شباط (فبراير) من العام 1954، إلا أنهم فشلوا في اغتيال الرئيس جمال عبد الناصر، كان ذلك أثناء إلقائه خطاباً في ميدان المنشية في محافظة الإسكندرية‏،‏ لمناسبة توقيع اتفاقية الجلاء، اذ أطلق محمود عبد اللطيف أحد كوادر التنظيم الخاص للجماعة والذراع العسكرية للتنظيم، ثماني طلقات من مسدس بعيد المدي باتجاه الرئيس ليُصاب شخصان وينجو الرئيس.

هذا فيض من غيض وجزء يسير من جرائم كثيرة قد يغيب ذكرها عن مقال حاول أن ينتصر لواقع يرى فيه “الإخوان المسلمون” والإسلاميون أنفسهم، فلا مجال للمزايدة ولا دافع للحديث غير التعليق على ما يقوله هؤلاء عن أنفسهم وهم صادقون في ما قالوه، كذبوا في كل شيء ولكنهم صدقوا في تعرية أنفسهم في لحظات الصفاء والصدق وهي قليلة.

الرجل الصادق مع نفسه ليث شبيلات، ختم مقولته الصريحة في حق الإسلاميين و”الإخوان المسلمين” بقوله: “الله لا يوفقكم والله لا يوفقني معكم”، وكأنه يستشعر الحرج والخطر من أولئك الذين عاش معهم فعرفهم بكل تناقضاتهم، وخبأ تفاصيل قد تكون غابت عن الكثير من الناس أو لم يدركها بعض الذين ساروا في ركابهم، ولكنهم لم يعرفوهم حق المعرفة، قال الرجل: “فنحن لا علاقة لنا بالدين ولا بخدمة الدين، فنحن حافظنا على التنظيم ولم نحافظ على الدين”.

المصدر : النهار 

قد يعجبك ايضا