تحالفات جديدة

 

وكالة وطن 24 الإخبارية : لا نذكر جديداً حين نشير إلى أن إيقاع العالم السريع لا ينحصر في التكنولوجيا والابتكارات العلمية والتقنية، إنما في التحالفات الاقتصادية والسياسية، وربما في العلاقات الفردية. فنحن نعيش في عالم متغيّر رغم ادعاء ثباته في بعض المجالات، ومُتقلّب رغم تأكيده على الثواب.

والتغيّر والتقلّب هنا مفردتان لا تتعلقان بالمزاجية وإنما ترتبطان بالمصالح الآنية ومتوسطة المدى، ولهذا، هنالك دائماً إعادة قراءة للإستراتيجيات الوطنية والعلاقات الخارجية، خاصة أن كيانات ليست رسمية، مثل التنظيمات والحركات الثورية وغير الثورية، المدنية وغير المدنية، باتت تلعب أدواراً لا يمكن تجاهلها على الساحة الدولية، ويرجع ذلك إلى تحالفها مع دول، أو توظيف الدول لها وفق مصالحها وخططها، فإذا ما اصطدمت المصلحة العليا بها، وأدركت أن التحالف معها يؤثر على استقرارها ووتيرة نموها وعلاقاتها بالكيانات الرسمية، فإنها ستقوم بمراجعة شاملة قد تؤدي إلى الاستغناء عن الارتباط بهذه الكيانات غير الرسمية.

والأمثلة في هذا السياق كثيرة، وغالباً ما تكون النتيجة أن تلك التنظيمات أو الأحزاب، ترمي نفسها مباشرة في أحضان دول أخرى، في محاولة منها للاستمرار، وهذا يدل على أن القضية لا تتعلق بتحالفات مبدئية وإنما مبنية على المصالح. فحركة حماس على سبيل المثال، تنقّلت في تحالفاتها من دولة إلى أخرى، من إيران إلى تركيا وغيرها، لأنها تعتمد على تمويل خارجي، وليس على تحالفات مبدئية، فإذا كان تحالفها مع تركيا يعود إلى قناعة الأخيرة بأهمية دور الإخوان المسلمين، فإن تحالفها مع إيران لا يستند إلى قناعة واضحة، وإنما لحاجة مادية وشعارات دينية وسياسية، لم تثبت حقيقتها وصدقها حتى اليوم.

ويبدو أن هذه الحركة، بما فيها الحاضنة الأم المتمثلة بالإخوان المسلمين، بدأت تعاني من مخرجات إعادة قراءة المشهد الإقليمي والعالمي، وإعادة ترتيب التحالفات، إذ تقوم تركيا منذ فترة بفك الارتباط مع الإخوان المسلمين، واتضح ذلك من قيام الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان بتجميد أنشطة جماعة الإخوان المسلمين في بلاده، ولجم جميع قنواتهم التلفزيونية المعارضة لمصر في إسطنبول، ويبدو أن الأنظار تتجه منذ شهور إلى حركة حماس، ومحاولة فك الارتباط بها، مقابل إعادة التطبيع مع إسرائيل، فأخرجت صالح العاروري، نائب رئيس الحركة ومسؤول عملياتها العسكرية في الضفة الغربية، من أنقرة، ويقال إنه يتنقل حالياً بشكل سرّي بين طهران وبيروت والدوحة.

وخلال الأسبوع الماضي انشغل المراقبون بما ذكرته صحيفة «حرييت» التركية في تقرير حديث لها قالت فيه إن أنقرة أبلغت حركة حماس بأن أصحاب المناصب العسكرية في الحركة لن يمكثوا في تركيا، وإنها لن توفّر مساعدات عسكرية لها، رغم أن تقارير ذكرت أن تركيا لم تقدم دعماً ماليا أو عسكرياً لحركة حماس، عكس ما فعلته إيران.

وذكرت الصحيفة أمراً غامضاً بعض الشيء يتعلق بإدارة أنقرة منذ فترة، لمحادثات سرية مع عدة دول في المنطقة، بهدف إيجاد موطن جديد لحماس، والقول بأن تركيا لن تدير ظهرها للفلسطينيين. ولو صدق التقرير، فإن تركيا ستحتفظ بعلاقة ما مع حماس. لكن هذا الأمر يتعلّق بانفتاحها الجديد على دول مناهضة لتنظيم الإخوان المسلمين.

وفي كل الأحوال، فإن الأيام القادمة ستؤكد حقيقة تقرير «حرييت»، خاصة أن المنطقة تشهد رسم تحالفات جديدة بغض النظر عن أسبابها، لكنها على صلة بسير عملية السلام في المنطقة، لاسيّما في سوريا والعراق، لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة يتعلق بالعلاقات المستقبلية بين تركيا وإيران، لاسيما أن تركيا ماضية في تمتين علاقاتها مع إسرائيل.

بقلم : عبدالله السويجي – الخليج الإماراتية

قد يعجبك ايضا