لماذا تلتزم حماس بتعهداتها لإسرائيل بعدم التصعيد؟

لماذا تلتزم حماس بتعهداتها لإسرائيل بعدم التصعيد؟

بقلم: باسم برهوم – الحياة

تعتقد حماس أن لها رصيدا من “المقاومة” يمنحها هامشا واسعا للتصرف بخمسة وجوه، أربعة منها كاذبة للاستهلاك والتضليل، ووجه واحد حقيقي تتعامل به مع إسرائيل، وتحاول أن تقدم نفسها من خلاله إنها المتعهد الأكثر صدقية لحفظ الأمن، وتقوم  بفعل أي شيء لتثبت أنها الطرف القادر على احترام تعهداته. والخطير أن حماس لا تعمل بهذا الوجه “الإسرائيلي” لما فيه مصلحة الشعب الفلسطيني قطعيا، ولا لما فيه مصلحتها هي وحدها، وإنما تستخدمه لمصلحة الجماعة الأم، جماعة الاخوان المسلمين وتنظيمهم الدولي، ومصلحة الأطراف الإقليمية الداعمة والممولة للاخوان، فتعهدات والتزامات حماس لإسرائيل، هي جزء من استراتيجية تقديم جماعة الإخوان المسلمين نفسها لإدارة بايدن، بأنها حليف يمكن الاعتماد عليه في تمرير السياسات الأميركية في المنطقة العربية وفي العالم الإسلامي.

وفي محاولة لفهم ما المقصود لما سبق، يمكن ربط رغبة إدارة بايدن بإبعاد نتنياهو عن المشهد، وضمان عدم عودته في المدى المنظور، وافقت جماعة الاخوان المسلمين الأم على إنجاح إئتلاف بينت- لبيد من خلال دخول الحركة الإسلامية الجنوبية داخل الخط الأخضر في هذا الائتلاف وإبقائه على قيد الحياة مهما حصل، والدليل أن منصور عباس زعيم هذه الحركة الإسلامية الاخوانية لم ينسحب من الائتلاف رغم كل ما يجري للمسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، ورغم ما يقوم به جيش الاحتلال من سفك للدم الفلسطيني في الضفة.

هذا من جانب، أما من جانب آخر فهو التزام حماس القاطع والتام بتعهداتها لإسرائيل باستمرار التهدئة، على الرغم من أن ما يجري، ومنذ أكثر من ثلاثة أسابيع، قدم  لحماس المبرر الكامل للاشتباك والتخفيف عن الضفة والقدس والأقصى لكنها لم تفعل وبقيت عند وعودها لإسرائيل.

ومن يراقب تصرفات حماس وإعلامها والناطقين باسمها، يلاحظ ما يلي:

أولا: أنها تكثر من بيانات الشجب والإدانة لممارسات الحكومة الإسرائيلية، وتكثر من بيانات التهديد والوعيد الأجوف دون أن تقوم بفعل لا من قطاع غزة ولا حتى في الضفة، فالبيانات هي للاستهلاك المحلي الفلسطيني، ولجماهير الأمتين العربية والإسلامية. وبدل أن تقوم حماس بالتضامن الفعلي والعملي تقوم بإرسال الرسائل مباشرة أو عبر طرف ثالث لإسرائيل بأنها ملتزمة تماما بالتهدئة،  ولا نية لديها للمبادرة للقيام بأي تصعيد.

ثانيا: تصدر حماس بيانات مع صور كاذبة عن تصديها للاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة ذاته بأسلحة جديدة!!! ولكن لا أحد  في القطاع يرى هذا التصدي.

ثالثا: حماس لم تبادر لا عبر أعمال عسكرية او حتى المشاركة في التصدي الشعبي السلمي لاعتداءات المستوطنين وجيش الاحتلال في القدس والأقصى والضفة، فهي تكتفي بدعوة الشعب للانتفاض والتصعيد، ولكن هي لا تقوم بأي عمل سوى هذه البيانات، فتعهداتها لإسرائيل والإدارة الأميركية عبر الوسطاء أهم بكثر من الدم الفلسطيني المسفوك.

باختصار جماعة الإخوان، عبر الحركة الإسلامية الجنوبية وزعيمها منصور عباس، هم جزء من الائتلاف الحكومي الإسرائيلي الحاكم، والمسؤول عن جرائم الحرب بحق الشعب الفلسطيني، وجماعة الإخوان عبر حماس تؤكد أنها جماعة تحترم تعهداتها والتزاماتها التي ترغب بها واشنطن. فالسؤال هل هناك ما هو أكثر سوءا من الخط الساخن بين مسؤول حماس في قطاع غزة  يحيى السنوار والمسؤولين الإسرائيليين؟  حماس اعترفت بوجود هذا الخط الساخن وهذا التنسيق عالي المستوى، والذي يحدد شروط لعبة حماس وإسرائيل ولما فيه مصلحتهما؟ وعندما جاءت إدارة بايدن أخذت حماس وجماعة الإخوان المسلمين لون كأس هذه الإدارة فورا.

إن ما يمكن استنتاجه هو أن جماعة الإخوان، ومن ضمنهم حماس ما هي إلا إحدى الأدوات التي تستخدمها واشنطن حسب ما تمليه التطورات الداخلية أو الخارجية للولايات المتحدة الأميركية. إن كانت التطورات بحاجة لأن يكون خط ساخن مع المسؤولين  الإسرائيليين فحماس تقوم بذلك. وإذا اقتضت التطورات استبدال نتنياهو تكون الحركة الإسلامية الجنوبية داخل الخط الأخضر وحماس في غزة جاهزين لذلك.

حماس التي هي بأربعة وجوه كاذبة مع شعبها وأمتها، فإن لها وجها حقيقيا مع واشنطن وإسرائيل، فإن استخدامها للمقاومة كاستخدامها للدين، كل ذلك لخدمة مصالح جماعة الإخوان ولا أحد غيرها.

قد يعجبك ايضا