الإخوان الإرهابية ومسيرة التلون والتواطؤ (٢٥)

 

نستكمل حديثنا اليوم مع سيد قطب الملقب بمفتى الموت وصاحب الأفكار الضالة وافكار التمكين، بعد عودة سيد قطب من بعثته الدراسية فى الولايات المتحدة الأمريكية، وبعد انضمامه بشكل مباشر للجماعة الإرهابية تحول من أديب كما يراه البعض إلى مفتى للموت، تاركاَ وراءه التفكير متجهاَ إلى التكفير، حيث أسس لأفكار الجاهلية والحاكمية، الأمر الذى أدى معه إلى إفراز التنظيم القطبى الذى كان بمثابة نواة للتنظيمات والجماعات الجهادية، أمثال جماعة الجهاد والتكفير والهجرة والجماعة الإسلامية وصولاَ لجبهة النصرة، فضلاَ عن  تنظيم القاعدة وتنظيم داعش رغم نسبة هذا التنظيم للسلفية الجهادية، إلا أن القيادات موصوفة كونها قطبية المنهج.

انتقل بك عزيزى القارئ لنبحر سويا فى كتاب «معالم على الطريق» لصاحبه سيد قطب الذى أطلق فيه تجلياته الشيطانية، بوصف  المجتمعات العربية والإسلامية البعيدة عن تطبيق الشريعة، «على حد زعمه»، بأنها مجتمعات جاهلية لابد من نسفها فكرياَ وعملياَ، وأن الحكام فيها والمحكومين «جاهلون»، فلابد من التصدى لهم بكل السُبل، كما أكد قطب فى هذا الكتاب الذى يعد بمثابة «نواة الإرهاب فى العالم» لفكرة الحاكمية الإلهية، معتبراَ أن من يطبقون القوانين الوضعية ينافسون الإله سبحانه وتعالى فى حكمته وحكمه، وبعد نشر الكتاب بعام تقريباَ حكم على قطب فى قضية من آخر قضايا العصر الحديث بمحاولة اغتيال رئيس الجمهورية آنذاك جمال عبدالناصر وتفجير القناطر الخيرية والتجهيز لانقلاب مسلح، والترويج لأفكار تكفيرية.

اعتقل قطب للمرة الأولى عام ١٩٥٤ لمدة شهرين بتهمة انضمامه لجماعة الإخوان المسلمين وأفرج عنه، ثم اعتقلته الأجهزة الأمنية إثر وقوع حادث المنشية الشهير، حيث اتهم وعدد من قيادات الجماعة بمحاولة اغتيال الرئيس جمال عبدالناصر فى الإسكندرية، وصدر ضده حكم بالسجن لمدة ١٥ عامًا، إلا أن وساطة الرئيس العراقى عبدالسلام عارف حالت دون استكمال مدة سجنه، حيث أفرج عنه الرئيس عبدالناصر بموجب عفو رئاسى.

فى عام ١٩٦٣ كانت الطامة الكبرى حينما تسربت أفكار وكتابات المنظر الأول للجماعة سيد قطب إلى عدد من قيادات التنظيم السرى لجماعة الإخوان خارج السجون، وبحلول عام ١٩٦٤، تكونت مجموعة سرية من قادة شباب جماعة الإخوان الإرهابية، تدعو للفكر القطبى حيث نجحت فى اجتذاب السواد الأعظم لمسجونى سجن القناطر من الشباب، فتوسع التنظيم ليضم أكثر من مائتى شخص، ومع خروج سيد قطب من السجن تولى قيادة التنظيم الناشئ.

فى ١٩٦٥ أعادت الأجهزة الأمنية اعتقال سيد قطب و٧ من رفاقه على رأسهم حسن الهضيبى مرشد الجماعة، بعد أن أعلن الرئيس جمال عبدالناصر عن كشفه مؤامرة جديدة لاغتياله وقلب نظام الحكم يقودها سيد قطب والمرشد العام حسن الهضيبى وهنداوى دوير محام، ومحمود عبداللطيف سمكرى، ويوسف طلعت تاجر، وإبراهيم الطيب محام، وعبدالقادر عودة محام، ومحمد فرغلى واعظ، وأكثر من ١٠٠ شخص آخرين من عناصر الجماعة.

أحالت النيابة قطب وباقى المتهمين فى القضية التى حملت رقم ١٢ لسنة ١٩٦٥ إلى محكمة جنايات أمن الدولة العليا، وقدمتهم للمحاكمة، وقد أصدرت محكمة أمن الدولة العليا حكمها بإعدام سيد قطب زعيم التنظيم، ونائبه محمد يوسف هواش ومسئول الاتصالات الخارجية للتنظيم عبدالفتاح إسماعيل، وبمعاقبة المتهمين الآخرين بعقوبات تتراوح بين الأشغال الشاقة المؤبدة والسجن، وفى يوم ٢٨ أغسطس عام ١٩٦٦ أرسل الملك فيصل بن عبدالعزيز برقية إلى الرئيس جمال عبدالناصر يرجوه فيها عدم إعدام سيد قطب، وأوصل سامى شرف البرقية لعبدالناصر فى ذلك المساء، فقال له عبدالناصر «أعدموه فى الفجر بكرة»، واعرض عليّ البرقية بعد الإعدام، ثم أرسل برقية للملك فيصل يعتذر بأن البرقية وصلته بعد تنفيذ حكم الإعدام، وللحديث بقية.

 

الكاتب المصري لواء أ .ح / مجدى أبو المجد

 

 

قد يعجبك ايضا