احداث البرج الشمالي في لبنان تكشف الخلاف العميق داخل حماس

وكالة وطن 24 الاخبارية : ذكر تقرير لصحيفة “التايمز” في 20 ديسمبر كانون الأول أن الانفجار الهائل الذي وقع في أحد مساجد مخيم البرج الشمالي للاجئين الفلسطينيين بمدينة صور جنوبي لبنان، في 11 ديسمبر/كانون الأول، كشف عن خلافٍ عميقٍ بين قادة حماس.

الانفجار الذي راح ضحيته لاجئ فلسطيني، ادعت حركة حماس أنه ناجم عن عطل كهربائي أدى إلى تفجير عبوات أكسجين، فيما ادعت الاستخبارات الإسرائيلية أن المسجد كان مخزناً كبيراً لأسلحة وصواريخ تعود لصالح حماس.

وبسحب “التايمز” فإن الخلاف قائم بين تيارين يرى أحدهما بقيادة إسماعيل هنية أن مستقبل الحركة هو أنها وكيل عسكري للنظام الشيعي الإيراني، بينما يسعى الآخر بقيادة خالد مشعل لاستعادة رعاية الأنظمة العربية السنية الأكثر اعتدالاً مثل السعودية والإمارات ومصر، كما أكدت “التايمز” أن أحد دوافع إطلاق حماس الصواريخ من لبنان على إسرائيل في مايو/ أيار، هو رغبة قادة حماس في غزة، المتحالفين مع هنية، في أن يثبتوا للإيرانيين أنهم استثمار جيد عندما يتعلق الأمر بمحاربة إسرائيل.

من جانبه ، أكد مصدر قيادي في حماس رفض الكشف عن اسمه لـ”أخبار الآن” أن حسن نصر لله رفض لقاء خالد مشعل أثناء زيارته إلى لبنان، ما تسبب في إحراج مشعل والوفد المرفق له، إذ كان لقاء نصرالله على أجندة وفد حماس، مرجعاً الرفض إلى موقف مشعل من الثورة السورية والتدخل التركي في الأوضاع السورية.

وقال: “حزب الله استطاع الفصل بين موقف مشعل من الثورة السورية وبين موقف حماس، لذا لم تسوء العلاقة بين حماس والحزب”.

وأوضح وجود اختلافات في الرؤى السياسية بين قادة حماس، مبرراً ذلك بأنها حركة كبيرة، لديها ثلاث أقاليم وهي غزة والضفة الغربية والخارج، لكن بالنهاية القرار يتم اتخاذه بالتصويت، وإن عارض البعض ذلك القرار، فهو بالتأكيد مُلزم بعدم إظهار رأيه المخالف إلى العلن.

من ناحيته، أكد عضو دائرة العلاقات الوطنية بحركة حماس إبراهيم المدهون، أن حماس معنية بتجاوز أحداث البرج الشمالي وذلك بتسليم القتلة للمحاكمة ومحاسبتهم عبر القانون.

وأضاف: “حماس لن تسمح بأن يتم استغلال هذا الحدث من أجل الفرقة وتمزيق وحدة ونسيج المجتمع الفلسطيني”.

شارحاً أنها بذلت جهوداً لتعزيز حضور الشعب الفلسطيني في لبنان، وتتابع الأحداث عن كثب.

كما شدد على أن زيارة وفد حماس برئاسة مشعل أتت بعد تواصل مع المؤسسات الرسمية في لبنان، والتنسيق معها، كما كانت بقرار من لجنة حماس التنفيذية، وبتنسيقٍ وبترتيبٍ وإقرار منها، وتم الإعداد لها بشكلٍ مسبق.

من ناحيته أكد المحلل السياسي ناجي شراب لـ”أخبار الآن”  أن حماس تحاول دائماً أن تُظهر نفسها كحركةٍ موحدة يحكمها موقف وقرار واحد، لكن الواقع لا يثبت ذلك، إذ لا يمكن القول بأن هنية يحمل آراء مشعل أو العكس وإن كانا في نفس الحركة، إذ لكلٍ منهما رؤية ووجهة نظر في القضايا الإقليمية، موضحاً أن الذي يؤثر على قرارات حماس بالنهاية جناحها العسكري.

وقال: “تقرير التايمز قد يحمل قدراً من الصحة حول الخلافات بينهما، خاصةً أن هنية وهو صاحب البعد الأكثر تشدداً وتسلطاً في معالجة الملفات المختلفة قد خرج من غزة إلى قطر لإدارة الحركة ككل، هنية يتحدث باسم القسام”.

وأكد أن هناك عدة مواقف داخل حركة حماس، لكن حماس حريصة ألا يخرج ذلك الخلاف إلى العلن بشكلٍ كبير، معتقداً أن تولي مشعل الملف الخارجي لحركة حماس قد يفجر خلافاً بينه وبين هنية، إذ قد يبرر الأول تصرفاته بأنه المسؤول عن الملف الخارجي، في حال تعارض مع موقف هنية.

ولفت إلى وجود حالة استياء محلي في قطاع غزة بسبب سوء إدارة حماس للقطاع، فمعدلات البطالة هي الأعلى في الشرق الأوسط، فضلاً عن معدلات الفقر والفقر المدقع التي تتجاوز الـ80 في المئة، ومحاولات الهجرة المتكررة من قبل الشبان في القطاع، مشدداً على وجود حالة استياء صامتة في القطاع، نظراً إلى أن حماس تحكمه بالقوة الأمنية، وبقانونها، البعيد تماماً عن القانون الفلسطيني.

وقال: “حماس بصورةٍ أو بأخرى لا تسمح لأي صوت أن يرتفع في غزة”.

وبيَّن أن بعض الفصائل الفلسطينية حاولت التعبير عن استيائها من تسلط حماس في الحكم، لافتاً إلى أن هناك حالة غضب من تصرفات حماس في القطاع إذ أنها تفضل وتؤثر مؤيديها سواء في الوظائف أو المساعدات.

وأضاف: “حماس حاولت تصدير أزمة البطالة إلى إسرائيل حين سمحت للعمال من القطاع بالعمل بها… وهذه مفارقة سياسية”.

وعلى الرغم من أن حماس تجيش أعداداً كبيرةً من الكتاب لصالحها وتحاول جاهدةً أن تبرر في خطابها السياسي الإعلامي حالة القطاع المزرية إلا أنها لم تنجح في إقناع الغزيين ببراءتها.

أما المحلل السياسي حسن عصفور فقال أن هنية وصل إلى قيادة حماس بالتسوية، ولا يوجد له مراكز قوى داخل الحركة، على خلاف مشعل الذي له وزن وثقل سياسي، مؤكداً أن هناك درجة من التباين والاختلافات داخل أروقة حماس باتت ظاهرة للعلن حالياً.

وقال: “حاولت حماس في غزة في انتخابات حماس الأخيرة إسقاط تيار يحيى السنوار الذي يتحالف مع صالح  العاروري  إلا أنها لم تنجح”.

ولفت إلى أن إيران معنية بوجود بعد لها في فلسطين لذا توجهت إلى دعم حماس والجهاد, متابعاً: “لو كان هناك طائفة شيعية في غزة، لسارعت إيران لدعمها فقط”.

وقال: “كان يجب على مشعل انتظار تسوية الأمور مع سوريا قبل الذهاب إلى لبنان”.

وأكد أن صمت حماس على مواقف مشعل هي السبب في عدم اتخاذ حزب الله وإيران موقف موحد من الحركة ككل، لافتاً إلى أن مشعل حاول عبر زيارته إرسال رسالةٍ للدول الخليجية أن حماس ليست حركة إيرانية، ولشراء ود الدول السنية، لكن يبدو أنه فشل في تحقيق ذلك، كما فشل في رأب الصدع بينه وبين حزب الله.

وقال: “مشعل يريد التأكيد أنه الرجل القوي في حماس”.

أما عن تأثير وأبعاد اقتراب حماس من إيران على استراتيجيتها ونظامها الداخلي فأكد أن حماس ستجد نفسها مجبرةً في النهاية على أن تتجه إلى الداخل الفلسطيني، إذ لم يعد هناك شيئاً اسمه أولويات ضمن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، فضلاً عن أن الطرف الفلسطيني يُستخدم، وليس جزءاً ثابتاً في أجندات الدول العربية والإسلامية، داعياً حماس إلى قطع علاقاتها بإيران وحركة الإخوان المسلمين، وأن تكون حركةً فلسطينية دون أي امتدادات سياسية أو دينية.

وأكد أن حماس استغلت حكمها في قطاع غزة لصالح أنصارها وأبنائها، إذ وفرت لهم فرص العمل والامتيازات، وحرمت غيرهم منها، وإن كانوا أكثر كفاءة وخبرة، مؤكداً أنه لن يصوت لصالح حماس في الانتخابات القادمة، إن لم تغير من سياساتها في حكم قطاع غزة، وتهميشها للمواطنين.

حماسفتحلبنانمشعلهنية