الفصل الثاني من المسرحية

بقلم : عمر حلمي الغول
لم تنتظر حكومة الحرب الإسرائيلية كثيرا للرد على قصف إيران مساء السبت فجر الاحد 13 و14 ابريل الحالي لقاعدة اوفتيم (اوريم) ومطار ريمون بعد ابلاغ الولايات المتحدة وإسرائيل والاتحاد الأوروبي والدول العربية بموعد ومكان عمليتها العسكرية وبعدد المسيرات والصواريخ الإيرانية، بذريعة “حرصها” على سلامة الطيران المدني العالمي، حتى تكون الزفة بالحدث الإيراني لائقة، ولتستقطب الأنظار، وتسلط الضوء على “بطولتها” و”اقتدارها” بأخذ القرار والقصف من أراضيها باعتباره “حدثا استثنائيا”، وسجلت بذلك الفصل الأول من مسرحية “توم وجيري” ب”دراما” مشوقة خطفت الأنظار عن حرب الإبادة الجماعية الجارية في فلسطين عموما وفي قطاع غزة خصوصا بعد 6 اشهر ادمت فيها واشنطن وتل ابيب ومن لف لفهم قلوب الشعب العربي الفلسطيني، وخففت العزلة عن دولة إسرائيل اللقيطة وسادتها.
ولإضفاء مزيد من التشويق والإثارة في الدراما الهزلية الإسرائيلية الإيرانية قامت حكومة الحرب بزعامة نتنياهو بالرد قبل نهاية الأسبوع، وكان ذلك فجر الجمعة 18 ابريل، أي بعد 5 أيام. رغم أدعاء واشنطن عدم رغبتها بالرد، ورفضها توسيع دائرة الحرب في الإقليم، لكن حتى تفتح قوس الرد قالت على إسرائيل ابلاغها بحدود الرد، وهو ما تم. فجاء الرد ضعيفا وسخيفا حسب وصف وزير ما يسمى “الامن الوطني ” الإسرائيلي بن غفير. وكشف عبثية الفصل الثاني من المسرحية، واكد بما لا يدع مجالا للشك، ان اللعبة الإيرانية الإسرائيلية باهتة، رغم ان فصلها الأول، كان أكثر إثارة وتشويقا. لأنه كان معلنا ويعرض على شاشات فضائيات العالم، وتابع الرأي العام العالمي السيناريو بأدق التفاصيل ودقيقة بدقيقة وفق ما حدده المخرج الأميركي.
ومع ذلك كلا الفصلين اختطفا الأنظار، وحجبا الرؤية عن حرب الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني لبعض الوقت مع دخولها الشهر السابع، الا ان جمهورية الملالي الفارسية كي تخرج من الاحراج، بسبب مواقف قياداتها من خامئني الى ضباط الحرس الثوري الى قادة الجيش الذين اعلنوا بالفم الملآن، انهم لن ينتظروا ثانية واحدة للرد على أي عدوان إسرائيلي وبشكل أكثر عنفا وقوة من القصف في الفصل الأول، ادعت إن دفاعاتها الجوية أسقطت عدة مسيرات صغيرة بمضادات أرضية في محافظة أصفهان وسط البلاد، وأكد القائد العام للجيش عبد الرحيم موسوي، أن الانفجارات التي سمع دويها وسط طهران ناجمة عن تصدي الدفاعات الجوية لعدد من “الاجسام الطائرة”، مشيرة الى انها لم تتسبب بأي أضرار أو خسائر، ليس هذا فحسب، انما حاول بعض الضباط الادعاء، بأن اليلاد لم تتعرض لأي هجوم، غير أن قادة الجيش والحرس الثوري اضطروا لاحقا وسريعا للاعتراف بوقوع هجوم “صغير”، حتى لا يضطروا للرد، مما اوقعهم في حرج وكشف هزال مشاركتهم في المسرحية.
مازالت فصول مسرحية الردود الباهتة المتبادلة بين كل من إيران وادواتها وإسرائيل وسادتها بإخراج وإنتاج الإدارة الأميركية مستمرة لتحقيق الأهداف المتفق عليها، لحرف بوصلة الأنظار عن حرب الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني، ولم يكن مستغربا ولا مستهجنا مشاركة بعض قيادات حماس في المسرحية بدور الكومبارس، عندما أعلن موسى أبو مرزوق، أن الرد الإيراني خفف من ضغط القصف الجهنمي الإسرائيلي والأميركي على أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة مقابل ثمن بخس من إيران وإسرائيل والولايات المتحدة، مع أن الحقيقة البائنة والواضحة وضوح الشمس، أن دورة الموت قتلا وتجويعا وأمراضا ونزوحا مازالت تفتك بأبناء الشعب بمتوالية هندسية، وتفاقم من ويلات وفظائع حرب الأرض المحروقة على القطاع والضفة بما فيها القدس العاصمة، فأرتفع عدد الشهداء لما يزيد عن 34 الف شهيد، وقرابة ال77 الف جريح، وتتعاظم عمليات التدمير للوحدات السكنية والمدارس والجامعات والمساجد والكنائس وإخراج المزيد من المستشفيات عن الخدمة، في ظل نقص حاد للمساعدات الإنسانية المرسلة للسكان في محافظات الجنوب.
ولتأكيد المهزلة اضطر الرئيس التركي رجب طيب اردوغان صرح أمس السبت 20 ابريل الحالي، بعدم تصديق الروايتين الإسرائيلية والإيرانية، مما يشي بافتضاح فصول المسرحية، وترافق التصريح مع وجود إسماعيل هنية في تركيا ولقائه مع الرئيس التركي.
آن الأوان لطي صفحة فصول المسرحية الهزلية، والتوقف عن العبث بمصير الشعب العربي الفلسطيني، فهل تلوذ طهران ودراويشها بالصمت، والكف عن استمراء اللعبة الخطيرة.

قد يعجبك ايضا