محللون: حماس تستغل تطبيع حلفائها مع إسرائيل لتعزيز حكمها في غزة

وكالة وطن 24 الإخبارية : أثار صمت حركة حماس على تطبيع العلاقات بين تركيا وإسرائيل، وإعلان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو عن موافقتها على ذلك، الكثير من التساؤلات حول ازدواجية الحركة في التعامل مع قضايا التطبيع مع إسرائيل.

وأكد وزير الخارجية التركي، في تصريحات صحفية، أن فصائل فلسطينية بينها حركة حماس ترغب بتطبيع العلاقات بين أنقرة وتل أبيب، الأمر الذي نفته حماس، في موقف نادر للحركة التي يوجد كبار قياداتها في إسطنبول منذ أعوام.

غير أن نفي حماس لم يشر إلى وزير الخارجية التركي، كما أن الحركة لم تصدر أي بيان تدين فيه التقارب التركي الإسرائيلي، والتطبيع الكامل للعلاقات بين البلدين، على غرار إدانتها لتطبيع الإمارات والبحرين مع إسرائيل، وتوقيع الاتفاقيات الإبراهيمية العام 2020.

ازدواجية حماس

ورأى مختصون في الشأن السياسي، أن حماس تتعامل بازدواجية مع قضايا التطبيع العربي والإسلامي مع إسرائيل، وأنها تعمل على استغلال تطبيع حلفائها لتعزيز حكمها في قطاع غزة وتمرير مشاريعها الخاصة.

وبحسب المختصين، فإن الحركة تعمدت التزام الصمت إزاء التطبيع الكامل للعلاقات بين تركيا وإسرائيل، وذلك بهدف عدم اغضاب أنقرة، الأمر الذي قد يعرضها إلى عقوبات قد تطال قياداتها الموجودة في إسطنبول منذ سنوات.

وفي السياق، قال المحلل السياسي، يونس الزريعي، إن ”حماس تنظر بأهمية كبيرة لعلاقاتها مع تركيا ولا تسعى، تحت أي ظرف من الظروف، إلى خسارة هذه العلاقة أو إدخالها في متاهات التوتر السياسي“، مشيرًا إلى أن الحركة تتعامل بازدواجية واضحة بملف التطبيع.

وأوضح الزريعي، في حديثه لـ ”إرم نيوز“، أن ”النظام الحالي في تركيا هو امتداد لجماعة الإخوان المسلمين، والتي تعد حماس جزءًا منه، الأمر الذي يدفع الحركة الفلسطينية لتجنب إصدار أي بيان إدانة لتركيا على الرغم من إصدارها لبيانات إدانة لتحركات عربية مماثلة“، وفق تقديره.

وأضاف أن ”حماس إن لم تكن مؤيدة للموقف التركي فهي تتفهمه، وبتقديري أن الأمر عرض على الحركة وجرى نقاشه بين الجانبين؛ الأمر الذي دفعها للصمت إزاء التقارب بين أنقرة وتل أبيب“، مشددًا على أنه لا يمكن لحماس أن تمنع تركيا من تطبيع علاقاتها مع إسرائيل.

وتابع المحلل السياسي: ”إدانة حماس للتطبيع مع إسرائيل غير متوازنة وليست بالمستوى ذاته بين الدول العربية والإسلامية، الأمر الذي يؤكد ازدواجية الحركة في التعامل مع قضايا التطبيع، كما أن نفي حماس لتصريحات الوزير التركي بمثابة خلاف على اللغة وليس محتوى كلامه“.

وأشار الزريعي، إلى أن ”حماس تسعى من خلال موقفها الحالي إزاء التطبيع التركي الإسرائيلي إلى البحث عن كيان سياسي خاص بها بعيدًا عن منظمة التحرير والموقف الفلسطيني الموحد، علاوة على تعزيز حكمها بقطاع غزة عبر علاقات حلفائها بإسرائيل“.

ووصف الزريعي، حركة حماس بـ ”عرابة وجود جسم سياسي في قطاع غزة، يمكن له التواصل بشكل غير مباشر مع إسرائيل عبر حلفائها“.

تنازلات سياسية

من ناحيته، قال أستاذ العلوم السياسية، أحمد عوض، إن ”موقف حماس من التطبيع التركي الإسرائيلي يمثل تنازلًا سياسيًا من قبل الحركة لصالح أهم حلفائها بالمنطقة“، مرجحًا أن تقدم حماس المزيد من التنازلات لضمان عدم اغضاب تركيا.

وأوضح عوض، في حديثه لـ ”إرم نيوز“، أن ”حماس تسعى للاستفادة من التقارب التركي الإسرائيلي لاستغلال وساطة أنقرة في نقل الرسائل والمفاوضات غير المباشرة وإيصال الدعم“، لافتًا إلى أن ذلك ما يحصل في الوقت الراهن.

وأضاف: ”حماس تدعم التطبيع بين حلفائها وإسرائيل لتحسين الأوضاع في قطاع غزة، وأخذ مساحة أكبر في الحكم بما يعزز نفوذها في القطاع، ويثبّت أركان حكمها لغزة“، بحسب تقديره.

وشدد على أن ”الموقف الرافض للتطبيع الإسرائيلي التركي سيعرّض حماس وقيادتها لصدامات مع القيادة التركية، وبالتالي ربما يتعرضون لعقوبات من أنقرة“، متابعًا: ”تركيا الطرف الأقوى في العلاقة ويمكن لها فرض المواقف وانتزاعها من حماس“.

ورجح المحلل السياسي، أن ”يكون صمت حماس نابعًا من إجبار تركيا للحركة على عدم إصدار موقف معارض“، متابعًا:

”حماس لا يمكن لها أن تعلن بشكل صريح موقفها من التقارب التركي الإسرائيلي“.

واعتبر أن ”المسألة بالنسبة لحماس معقدة للغاية، وظرفها السياسي يجبرها على التعامل مع واقع جديد هو أن التطبيع جزء من الصورة، وبالتالي المواقف السياسية لحماس ستكون محكومة بضغوط وحسابات كبيرة، ولهذا السبب لا يمكن لها أن تتخذ موقفًا ضد تركيا“.

وأكمل: ”هناك ليونة من جانب الحركة، وقبول بشكل قسري للواقع الجديد، فالجميع يتعامل مع أطراف كلها مطبعة مع إسرائيل، وبالتالي أصبحت مواقفها مبنية على أساس الضغوط التي تتعرض لها، كما أن السقف السياسي لحماس أصبح منخفضًا جدًا“.

رسالة طمأنة

في المقابل، رأى المحلل السياسي، طلال عوكل، أن تصريحات وزير الخارجية التركي بشأن قبول أطراف فلسطينية لتطبيع بلاده مع إسرائيل بمثابة رسالة طمأنة للفلسطينيين، وتحديدًا حركة حماس بأن أنقرة لن تضحي بعلاقاتها معهم.

وأوضح عوكل، في حديثه لـ ”إرم نيوز“، أن ”السياسة التركية تقوم مؤخرًا على التوازن في المصالح بين الإسرائيليين والفلسطينيين“، لافتًا إلى أن تركيا تربطها بالأساس علاقات قديمة مع إسرائيل في مختلف النواحي الأمنية، والتجارية، والسياسية.

وأضاف: ”هناك توازن من قبل حماس في طرح موقفها من التطبيع التركي مع إسرائيل وذلك حفاظًا على المصالح الخاصة بالحركة مع أنقرة“، متابعًا: ”الحركة لا تملك أي خيار آخر للتعامل مع مساعي أنقرة للتطبيع مع تل أبيب“.

كما اعتبر أن ”حماس تتجنب إدانة أي خطوات تركية إيجابية تجاه إسرائيل لعدم قدرتها على الدخول في معركة سياسية مع أنقرة لا داعي لها من وجهة نظر قيادة الحركة“، لافتًا إلى أنها تنظر بشكل مختلف للتطبيع بين إسرائيل والدول التي لا تربطها أي مصالح معها.

قد يعجبك ايضا